متابعات دارفور : أدري التشادية
كشف لاجئين فروا من اردمتا إلى تشاد عن تصفيات ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفرقة 15 الجنينة يوم السبت حيث بلغت الحصيلة الأولية للقتلى في أردمتا أكثر مائتي قتيل.
وكشف لاجئ فضل حجب اسمه لأسباب أمنية عن مقتل ثمانية من أفراد أسرته ، وأكثر من 20 منهم في عداد المفقودين وأشار إلى اعتقال عدد كبير من مواطني اردمتا واقتيادهم إلى مناطق مجهولة.
قتل وكمائن للفارين
وقال إن قوات الدعم السريع نصبت كمائن للفارين إلى تشاد وقتلت أعداد كبيرة منهم ، و إن القوات اقتحمت جميع المنازل في اردمتا وفصلت النساء عن الرجال وقتلت معظم الرجال خاصة الشباب.
وبينما نفى زعماء القبائل العربية علانية اشتراكهم في عمليات التطهير العرقي في الجنينة و قالت قوات الدعم السريع في وقت سابق إنّها لم تُشارك في ما وصفته بـ “الصراع القبلي”.
وقال الممرض نبيل مكسيا: إنّ الهجوم على قاعدة الجيش في أردمتا بدأ أوائل الأسبوع الماضي، وصاحبه قصف الدعم السريع لبعض المنازل في مخيم للنازحين داخليًا، مضيفًا أنّه عبر إلى تشاد بعد أن اعتقلته قوات الدعم السريع على الحدود ودفع أموالًا لإطلاق سراحه.
وأوضح أنّه رأى قوات الدعم السريع تقتل مدنيين بالنار خلال مداهمات لمخيم أردمتا، وأنّهم أجبروا الرجال على الوقوف في صفوف قبل أن يعدموهم.
لجوء إلى تشاد
وأكد إن الالاف من المدنين معظمهم من النساء والأطفال والمسنين وصلوا إلى أدري التشادية منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفرقة يوم السبت، وأوضح إن معظمهم وصل في أوضاع مأساوية وبدون أحذية.
وأشار إلى فرار معظم النساء من المعسكر والمنطقة بجانب الأحياء الأخرى المجاورة للفرقة 15 وقال إن اللاجئين تلقوا العون من اعانتهم من اللاجئين الذين سبقوهم في ادري مشيراً إلى نقل الجرحى إلى المستشفى الذي يدار بواسطة أطباء بلا حدود.
ونبه إلى استمرار حصار معسكر اردمتا منذ يوم الجمعة الماضي وإن مصير من تبقوا بالمعسكر مجهول.
هجوم انتقامي
ووصف ما جرى في اردمتا بالهجوم الانتقامي لأن معظم سكان المنطقة من اسر جنود الفرقة مؤكداً عدم التمييز بين سكان المنطقة على أساس أثني.
وقال إن مقتل الفرشة عمر ارباب وإبنه أبوبكر وثمانية من افراد أسرته يوم السبت جاء بسبب مجاهرته بالحق وإنه رفض مغادرة الجنينة بعد الهجوم السابق واستقر في أردمتا، ونبه إلى مقتل صهره وأحد ينتمي لقبائل أخرى.
وأكد صعوبة الحصول على معلومات لحصار اردمتا، وإن المعلومات يجري تسريبها بواسطة جهات أهلية ذات علاقة بالدعم السريع، بجانب عدد من الشباب الذين فروا إلى تشاد.
تفاصيل انسحاب الجيش إلى تشاد
من جهته، قال جندي فرّ من قاعدة أردمتا: إنّ هجومًا بطائرات مسيرة دمّر الأنظمة الدفاعية في القاعدة في وقت مبكر من يوم الجمعة، مضيفًا أنّ القادة العسكريين غادروا القاعدة بحلول صباح يوم السبت.
وقال الجندي الذي فضل عدم ذكر اسمه إنه عندما وصل إلى الحدود مع تشاد تظاهر بأنه مدني وأنكر أنه من المساليت من أجل المرور، مضيفًا أنّ أفرادًا من قوات حرس الحدود التابعة للدعم السريع أخذوا رجلًا آخر بعد أن وجدوا على هاتفه صورة له بالزيّ العسكري.
ومع انسحاب قوات الجيش السوداني من القاعدة، جمع زعماء المجتمعات المحلية في أردمتا الأسلحة التي كانوا يستخدمونها للدفاع عن أنفسهم في محاولة لتأمين ممر آمن للمدنيين، وفقًا لمكسيا وشرف الدين آدم وهو لاجئ آخر من المدنيين وصل إلى تشاد.
و أكد لاجئ عن وصول ثماني عربات عسكرية إلى أدري محملة بالجنود والعتاد الحربي بجانب وصول 25 عربة أخرى على منطقة كلاييت التي تقع شمال أدري على الحدود مع كلبس، وأشار إلى تسليم القوات لأسلحتها وعتادها الحربي إلى السلطات التشادية ، ولم يستبعد إن يكون الانسحاب جرى نتيجة لصفقة مشيراً إلى عدم إخطار قوات حركات الكفاح المسلح التي كانت تقاتل بجانب الجيش بالانسحاب ووصف مصيرهم بالمجهول.
وقال إن الجيش انسحب من الجنينة إلى كلبس واضطر لاحقاً للانسحاب إلى تشاد بعد ارسال جهات أهلية رسائل إلى قادة حامية كلبس تلوح بالهجوم في حال عدم خروج الجيش من الحامية.
ضرب وإهانة وتصفية
وحول مقاطع الفيديو المتداولة والتي يتعرض فيها عدد من الأفراد للضرب والإهانة في اردمتا، قال اللاجئ إن معظمهم نازحين من معسكر اردمتا جرى اعتقالهم من المعسكر وضربهم وإهانتهم مع توجيه عبارات ذات طابع عنصري، وأشار إلى فيديو آخر لشباب من المعسكر تم اعتقالهم في كمين شمال شرق مطار الجنينة أثناء فرارهم إلى تشاد مبيناً إن مصيرهم مجهول وسط أنباء عن تصفيتهم.
وقال إن قوات الدعم السريع تسيطر بصورة تامة على الجنينة مشيراً إلى عودة بعض الأفراد وقال إن الاتصالات تعمل في المدينة بصورة عادية ولكن المحلات التجارية في السوق لم يفتح بشكل كامل.
كما أظهرت صور فوتوغرافية جثثاً متناثرة في العراء باردمتا.
دعوات دولية لحماية المدنيين
وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أنّ الصراع في السودان أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة ونزوح أكثر من ستة ملايين، مضيفة أنّ أكثر من 500 ألف شخص عبروا الحدود إلى تشاد معظمهم من غرب دارفور.
من جهتها، أوضحت منظمة “أطباء بلا حدود” أنّ عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد ارتفع بشكل كبير في الأيام الثلاثة الأولى من نوفمبر/ تشرين الثاني الحال ليصل إلى 7 آلاف لاجئ، مشيرة إلى أنّ معظم اللاجئين كانوا من النساء والأطفال، الذين تحدث العديد منهم عن أعمال عنف واسعة النطاق ضد المدنيين.
بدورها، أفادت قوات حرس الحدود في تشاد بأنّ العدد اليومي للفارين من غرب دارفور ارتفع إلى 3146 يوم السبت، بينما ذكر مسؤولون في الأمم المتحدة بتشاد أنّه كان من المتوقّع عبور آلاف آخرون الحدود، لكنّ قوات الدعم السريع منعتهم من ذلك وطلبت منهم مالًا مقابل عبورهم.
من جانبه وصف توبي هارود نائب منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية بالسودان التقارير والصور القادمة من مدينة اردمتا بالمروعة ، وأكدت إن التقارير تتضمن اغتيالات وانتهاكات جسيمة ومجازر بحق المدنيين عقب سيطرة الدعم السريع على المنطقة ، وأكد إن على الذين يتمتعون بالسلطة احترام القانون الإنساني الدولي، وحماية المدنيين، وضمان سيادة القانون، وتوفير وصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى الأشخاص المستضعفين.
وأدى هجوم الدعم السريع على مقر قيادة الفرقة 15 في الجنينة منذ الاسبوع الماضي إلى نزوح عدد كبير من مواطني منطقة أردمتا والأحياء المجاورة إلى أحياء أخرى حيث يفترش بعضهم المساجد والعراء، بينما تواصل تدفق الللاجئين إلى تشاد ليرتفع إلى ثلاثة آلاف لاجئ يومياً.
وكان قائد ثاني الدعم السريع عبدالرحيم دقلو وجه قواته يوم السبت بحماية المواطنين كما عين عبد الرحمن جمعة المشمول بالعقوبات الأمريكية بسبب اتهامات تتعلق بمقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر ، قائداً للفرقة 15 الجنينة.
وأشار مواطنون من الجنينة إلى عودة جزئية لشبكات الاتصال زين و سوداني ، بينما يعمل الإنترنت بشبكات الأقمار الاصطناعية أو الشبكة التشادية.
ولفتوا إلى فتح جزئي للمحلات التجارية في السوق الكبير وسوق ام دوين وسوق الزريبة.
وأكدوا أسر عدد من ضباط وجنود القوات المسلحة من الفرقة وفقدان بعضهم ، من جهة أخرى وصلت يوم الأحد طائرتا مساعدات إماراتية إلى مدينة أم جرس التشادية تحملان 19 طنا من المساعدات للاجئين السودانيين والمجتمع المحلي في تشاد.