الإيقاد تحاصر البرهان بخطط سياسية و عسكرية

متابعات دارفور : جيبوتي

أصبح قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان محاصرا من جهات إقليمية ودولية، بعد أن حصلت قمة إيغاد التي عقدت في جيبوتي السبت على تأييد كبير، وامتلكت تفاصيل لخارطة طريق سياسية، لن يخلو الخروج عنها من تلويح باللجوء إلى خيارات عسكرية إقليمية للتعامل مع الأزمة السودانية.

وحظيت القمة الطارئة لرؤساء الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بمشاركة إقليمية ودولية واسعة، وإيجاد مخرج سريع للحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأعلن رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فكي السبت أن جيبوتي “تعقد اجتماعاً بشأن الوضع العاجل في السودان، كجزء من الجهود المشتركة للاتحاد الأفريقي وإيغاد للأطراف لوقف الحرب والسماح بعملية سياسية لإعادة بناء البلاد”.

وحضر القمة رؤساء السودان وجيبوتي وأوغندا وكينيا وإثيوبيا والصومال، وشارك فيها ممثلون للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومبعوثا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي.

وأكدت الرئاسة الكينية الجمعة أن القمة تناقش الأزمة السودانية وتقديم الدعم لمسار منبر جدة، الذي شهد تعثرا بسبب عدم تنفيذ بنود اتفاق بناء الثقة الموقع منذ حوالي شهرين، وتضمنت بنوده إلقاء القبض على عناصر النظام السابق الفارين من السجون، وهو ما تنصل منه وفد الجيش في محادثات جدة، وراوغ في تنفيذه.

وناقشت القمة تشكيل آلية دولية تستند على رؤية أعلنها الاتحاد الأفريقي في يونيو الماضي، وتتبنّى وقف إطلاق النار وتحويل الخرطوم إلى منطقة منزوعة السلاح ونشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة، ومراعاة الدمج بين رؤية منبر جدة، ومقترحات إيغاد التي طالبت بإجراءات لوقف الحرب وإطلاق عملية سياسية تفضي إلى انتقال السلطة إلى حكومة مدنية.

وأحرزت مشاركة سابقة لهيئة إيغاد في الأزمة السودانية عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير تقدما في وضع خارطة طريق للمرحلة الانتقالية التي تحطمت فتراتها بسبب مناورات قائد الجيش ورغبته بعدم تسليم السلطة لحكومة مدنية.

وزادت التحركات السياسية الأيام الماضية بما يوحي بأن إيغاد تنوي الخروج بنتائج عملية يمكن تطبيقها الفترة المقبلة ولإنهاء صراع لا يزال شبحه يخيم على المنطقة.

وبحث رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك سبل التوصل إلى تسوية سياسية مع رئيس دولة جنوب السودان سيلفا كير في لقاء عقد بينهما في أبوظبي، على هامش قمة المناخ في دولة الإمارات، وأصدرت السعودية، وهي أحد رعاة مفاوضات جدة، وروسيا بيانا حث على الحوار السياسي وأهمية وقف إطلاق النار.

وعدّ البيان السعودي – الروسي المشترك تعهدا دوليا وإقليميا مهمّا، يعزز تعهدات عديدة سابقة تهدف إلى وقف الحرب وتحقيق السلام المستدام في السودان.

وقالت واشنطن، وهي الراعي الآخر لمفاوضات جدة، إن مبعوثها الخاص لشؤون القرن الأفريقي مايك هامر يحضر قمة إيغاد لإبداء دعم الولايات المتحدة للجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع، وتعزيز التحول الديمقراطي، والضغط لأجل وصول المساعدات الإنسانية إلى أصحابها بلا عوائق، في إطار جولة تشمل كلا من جيبوتي وقطر وإثيوبيا خلال الفترة من 7 إلى 17 ديسمبر الحالي.

واستقبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس بمقر المنظمة في نيويورك، سكرتير العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي السوداني والعضو المؤسس بهيئة محامي دارفور صالح محمود، والمدير التنفيذي للمركز الأفريقي للعدالة ومساعده محمد علي، وطالبا بتدخل المنظمة الأممية لإنهاء الحرب.

حل سلمي

في الوقت عينه، أكد البرهان أن القوات المسلحة مستعدة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة في البلاد. ورأى أن أولويات الحل السلمي تكمن في تأكيد الالتزام بإعلان جدة للمبادئ الإنسانية ووقف إطلاق النار”.

كما شدد على أن “الباب مفتوح أمام الحلول السلمية”، مؤكداً ترحيبه بكل الجهود التي تبذل لوقف إراقة الدماء.

من الخرطوم (أرشيفية- رويترز)

من الخرطوم (أرشيفية)

إلا أنه اتهم قوات الدعم السريع بعدم الرغبة في الحل، قائلا “التمرد ليس لديه إرادة سياسية لوقف حربه على الدولة والمواطنين”.

أتت تلك التصريحات بعد ما يقارب الأسبوع على تعثر جولة المفاوضات الجديدة التي استؤنفت أواخر أكتوبر الماضي في جدة، ليعلن لاحقاً تعليقها مؤقتاً بسبب عدم إمكانية التوصل لتفاهمات بين قيادة القوتين العسكريتين السودانيتين الكبيرتين في البلاد.

ويقول مراقبون إن هذا الزخم ليس دليلا على وجود ضمانات نهائية لإمكانية أن تسفر القمة عن خطوات حاسمة لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية قابلة للتنفيذ، وهناك مخاوف من استفادة البرهان سياسيا من تداخل المبادرات وعدم استبعاد إخلاله بأيّ التزامات إقليمية ودولية، فبعد أن حوصر في مفاوضات منبر جدة يبدو كمن لجأ إلى الذهاب إلى مبادرة إيغاد التي رفضها سابقا.

ويضيف المراقبون أن ما يجبر البرهان على الرضوخ أن إيغاد تملك خارطة طريق واضحة ومفصلة لحل الصراع بين قوات الجيش والدعم السريع، وأن المفاوضات تبدأ من نقاط متقدمة، وتبني خطوطها على تفاهمات تم التوصل إليها في جدة، وثمة رغبة للضغط عليه ليعلن التزامه بلا لبس بالخطة المقدمة والتعامل مع كل خطوطها بدقة، ومن بينها نشر قوات أفريقية أعلن رفضها من قبل، وشن حملة قاسية على كينيا ورئاستها لجنة إيغاد الرباعية الخاصة بالملف السوداني.

وقال المحلل السوداني عادل سيد أحمد إن قمة إيغاد الطارئة تملك رؤية محددة للتعامل مع الأزمة باتت مطروحة على طاولتها، وفي جعبتها تفاصيل لخطة تفضي إلى عملية سياسية شاملة، وعلى طرفي الصراع الاستجابة لها، أو تحمل التداعيات السلبية للرفض، وسوف تكون وخيمة على الطرف الرافض.

وأضاف أن إيغاد مصممة على تطبيق خارطتها التي تتم بالتنسيق مع منبر جدة وجهات إقليمية ودولية، وهي تعلم أن قوتها مستمدة من انتمائها للاتحاد الأفريقي، وهو منظمة من روافد الأمم المتحدة، وسوف تقوم الهيئة برفع رد الطرف الممتنع عن التجاوب مع خطتها إلى مجلس الأمن، والذي لديه أدوات متباينة للتعاطي مع الحالة السودانية.

وأكد أن استخدام الفصل السابع لن يغيب عن مجلس الأمن إذا أخفقت إيغاد في فرض خارطتها السياسية على الطرفين، المدعومة من قوى عديدة، ولا يزال هناك تعويل كبير على قدرة الهيئة على تحقيق اختراق كبير في مفاصل الأزمة، كفرصة أخيرة لحل الصراع ضمن حاضنة أفريقية، لأن أيّ خيار آخر سيكون وخيما.

واتفق البرهان في شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، خلال زيارته إلى كينيا وجيبوتي، على عقد قمة طارئة لمناقشة وقف الحرب، ووضع خارطة طريق لإنهاء الأزمة في السودان، وقام بزيارة إثيوبيا لتخفيف وقع التوتر السياسي معها.

وكانت الحرب اندلعت بين الجانبين منتصف أبريل الماضي ( 2023)، بسبب خطط لدمج قوات الدعم الرسيع التي يقودها محد حمدان دقلو رسمياً ضمن صفوف الجيش في إطار عملية انتقال سياسي بعد 4 سنوات من الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، في انتفاضة شعبية.

لكن المساعي الدولية والأممية والإقليمية لم تفلح حتى الساعة في حث الطرفين على وقف النار.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد