“الدعم السريع” تسيطر على أكبر حقول النفط في البلاد وسط تصاعد المعارك بكردفان

متابعات دارفور: السودان

شهد السودان منعطفا جديدا في حربه الداخلية مع إعلان قوات الدعم السريع الإثنين سيطرتها على حقل هجليج النفطي الأكبر في البلاد بإقليم كردفان، بعد معارك عنيفة مع الجيش. ويثير التحرك مخاوف من أزمة اقتصادية حادة، خاصة مع إغلاق المنشآت وإجلاء العمال، فيما تصاعدت التحالفات العسكرية وتكثفت الضربات التي طالت مرافق طبية وأوقعت عشرات القتلى بينهم أطفال، وسط مطالب دولية بضمان حماية المدنيين والعاملين الإنسانيين.

أعلنت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش السوداني، الإثنين عن سيطرتها على حقل هجليج النفطي في إقليم كردفان الغني بالموارد، وهو الأكبر في السودان، مؤكدة أن العملية تمت بعد معارك مستمرة منذ أسابيع، بينما أقر الجيش ومصادر محلية بذلك.

وتركزت المواجهات في كردفان منذ سقوط آخر معاقل الجيش بدارفور في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، حيث تعرضت الخميس روضة أطفال ومستشفى لضربات بطائرات مسيرة أدت إلى مقتل عشرات الأطفال، بحسب ما أعلنت منظمة الصحة العالمية.

وأوضحت قوات الدعم السريع في بيان أنها “استلمت منطقة هجليج الاستراتيجية بولاية جنوب كردفان (…) وحررتها”، مضيفة أن “تحرير المنطقة النفطية يمثل نقطة محورية في مسار تحرير كامل تراب الوطن نظرا لأهميتها الاقتصادية”.

وذكر مصدر في القوات أن السيطرة شملت القاعدة العسكرية التي كانت تتمركز فيها الفرقة المحلية للجيش، فيما أكد مهندس في الحقل إغلاق المنشأة ووقف الإنتاج، مع نقل العاملين إلى جنوب السودان.

وصرح مصدر عسكري أن انسحاب الجيش من هجليج جاء “حفاظا على المنشآت النفطية ومنعا لتعرضها للدمار”.

وتسببت الحرب المستمرة منذ نيسان/ أبريل 2023 في مقتل عشرات الآلاف وتشريد قرابة 12 مليون شخص داخليا أو خارجيا، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية.

ويرى محللون أن هجوم قوات الدعم السريع في كردفان يهدف لاختراق آخر خطوط الجيش بوسط السودان تمهيدا لاستعادة العاصمة الخرطوم ومدن رئيسية أخرى.

التحالفات العسكرية والسيطرة الميدانية

وانخرطت قوات الدعم السريع مؤخرا في تحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ما عزز انتشارها في جبال النوبة وبعض مناطق ولاية النيل الأزرق الخاضعة لهذا الفصيل منذ سنوات.

وأكدت الحركة في بيان أن السيطرة على مدينتي “كادقلي” و”الدلنج” المحاصرتين “مسألة وقت”، داعية الجيش وحلفاءه للانسحاب العاجل وتجنب معارك دامية، ولفتح ممرات آمنة للمدنيين.

المخاوف الإنسانية

وطالبت منظمة أطباء بلا حدود الأحد طرفي النزاع بضمان سلامة العاملين في المجالين الإنساني والطبي. وأوضح رئيسها جاويد عبد المنعم أن الهجمات على منشآت الرعاية الصحية مستمرة من الطرفين، ويجب منح الطواقم حرية الوصول إلى المتضررين.

وكشف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن مقتل 114 شخصا بينهم 63 طفلا، جراء ضربات على مستشفى وروضة اطفال بجنوب كردفان، واصفا الهجوم بأنه “عبثي”، بينما نسبت السلطات المحلية المسؤولية لقوات الدعم السريع.

وأشار غيبريسوس أيضا إلى استهداف مسعفين أثناء محاولتهم نقل مصابين من روضة الأطفال إلى المستشفى.

“كارثة” في قطاع النفط

ويعد حقل هجليج أكبر منشأة نفطية في السودان، كما يعد نقطة رئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية ومصدرا شبه وحيد لإيرادات حكومة جوبا.

وأكد المهندس الذي تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية أن منشأة المعالجة القريبة من الحقل أغلقت أيضا.

وتعهد الجناح السياسي لقوات الدعم السريع بتأمين المنشآت النفطية وضمان استمرار الإنتاج، وتوفير الحماية اللازمة للفرق الهندسية والعاملين.

ويشكل خط الأنابيب الواصل من جنوب السودان إلى بورتسودان على البحر الأحمر شريانا اقتصاديا أساسيا للسودان، الذي تراجع اقتصاده بشدة منذ اندلاع الحرب.

وأصبح حقل هجليج موضع نزاع بين السودان وجنوب السودان منذ الانفصال عام 2011، وشهد اشتباكات محدودة عام 2012.

وبالإضافة إلى هجليج، تسيطر قوات الدعم السريع على حقول نفط غربية كانت الصين تديرها منذ التسعينيات قبل أن تغلقها مع بدء الحرب.

وأفادت شركة البترول الوطنية الصينية الشهر الماضي للحكومة السودانية بنيتها إنهاء استثماراتها.

واعتبر وزير الطاقة السوداني السابق، جادين علي عبيد، أن الوضع النفطي الحالي يمثل “كارثة”، مشيرا إلى خسارة السودان حقلي هجليج والمربع 6 اللذين يشكلان كامل إنتاجه النفطي تقريبا، إذ كانت منشأة هجليج تعالج ما بين 80 و100 ألف برميل يوميا لصالح السودان وجنوب السودان.

ومنذ فقدان الجيش آخر معاقله في دارفور، تبنى موقفا دفاعيا في محاولة لوقف تقدم قوات الدعم السريع عبر كردفان ومنعها من الوصول إلى الخرطوم.

وبات السودان عمليا مقسما، إذ يسيطر الجيش على مناطق الشمال والوسط والشرق، فيما تفرض قوات الدعم السريع وحلفاؤها نفوذهم على الغرب وأجزاء من الجنوب.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد