متابعات دارفور: كردفان
شهد منجم التقولة بمحافظة تلودي في ولاية جنوب كردفان كارثة صحية خطيرة، تمثلت في وفاة 23 شخصًا وإصابة 145 آخرين، وسط تضارب الأنباء حول الأسباب الحقيقية للوفيات، بين احتمال تسمم ناتج عن مخلفات التعدين بمادة السيانيد شديدة السمية، أو تفشٍ لوباء الكوليرا.
وبحسب لجنة مناهضة السيانيد بمحافظة قدير، فإن شهود عيان أبلغوا عن تفشي حالات إسهال معوي حاد داخل المنجم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات خلال الساعات الماضية، وإصابة العشرات بأعراض مشابهة.
وأوضحت اللجنة أن السلطات المحلية في تلودي سارعت إلى فرض إجراءات طارئة تشبه حالة الطوارئ الصحية، من بينها منع الدخول والخروج من المدينة، بعد تحويل معظم المصابين من منجم التقولة إلى مستشفى مدينة تلودي، الذي استقبل العدد الأكبر من حالات الوفاة.
وأشار ناشطون في اللجنة إلى أن منجم التقولة كان قد شهد خلال الأشهر الماضية حالات مشابهة من التهابات حادة وحساسيات جلدية، إضافةً إلى نفوق طيور وحيوانات، ما اعتُبر مؤشرات على تلوث بيئي خطير بسبب مادة السيانيد المستخدمة في استخلاص الذهب.
وفي محافظة قدير، أعلنت لجنة الخدمات الصحية رفع درجة التأهب إلى أقصى مستوياتها، ووجهت السلطات الأمنية بمنع دخول أي مركبات تنقل مخلفات “الكرتة” إلى مدينة كالوقي، خشية انتقال العدوى أو انتشار التلوث في حال ثبوت أن السبب وراء الكارثة هو أحد الأمراض الوبائية.
وأكدت لجنة مناهضة السيانيد أن الموقف الراهن يمثل تهديدًا خطيرًا للحياة العامة، مشددة على ضرورة تدخل وزارة الصحة الاتحادية بشكل عاجل للتحقق من أسباب الكارثة ومجابهة الوباء المحتمل. كما طالبت اللجنة بـإيقاف جميع أنشطة التعدين التي تستخدم مادة السيانيد في مناطق كالوقي، تلودي، والليري، محملةً السلطات الأمنية والصحية كامل المسؤولية عن أي أضرار تمس حياة المواطنين أو الحيوانات أو البيئة.
من جهته، قال مصدر طبي من تلودي للجنة، إن الأعراض التي ظهرت على المصابين والمتوفين — والمتمثلة في إسهالات حادة وقيء وجفاف شديد — تشبه إلى حد كبير أعراض الكوليرا أو الإسهالات المائية الحادة. وأضاف أن في حال تأكد أن المرض هو الكوليرا، فإن الوضع سيكون أكثر خطورة من تسمم السيانيد، نظرًا لسرعة انتشار العدوى، وتداخل مناطق التعدين وكثافتها السكانية في مدن وقرى مثل التقولة، القردود، الأفزر، اللفة باجنون، الليري، تلودي، وكالوقي.
وتستمر التحريات الميدانية في جنوب كردفان لمعرفة السبب الدقيق للكارثة، في ظل قلق واسع بين السكان المحليين وتحذيرات من تحول الأزمة إلى وباء إقليمي ما لم تُتخذ إجراءات صحية وبيئية عاجلة.