المجتمع المدني من المستفيد (1)

متابعات دارفور: ا/ محمد حسن دولي

 من ادب الحديث الا نُطلق الاتهام دون حُجة، ولكن يمكن اطلاقه جُزافاً وهو القاء الاتهام بغير تبصر او قاعدة ، ومن منطلق مخالف للمقولة ، نقول مانريد ، بحجة التمسك بحرية التفكير والتعبير، وبحجة اخرى وهي توفرالاساس اوالقاعدة لهذه الحريات ، التي شكلت غالب مجتمعات ما بعد الثورة الفرنسية والحرب العالمية الثانية ، والتي على انقاضها ظهر مصطلح المجتمع المدني بمفهومه الحديث .

وبعد نصف قرن اصبح تشكيلات المجتمع المدني الحديث في اي دولة هي السلطة الرابعة بعد السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية ، وبما ان البعض من المهتمين قديماً كان يعتقد بأن (الصحافة) هي السلطة الرابعة ، الا ان الصحافة منذ نشأتها وبعد ظهورها على هيئتها المكتوبة في الفترة ما قبل الثورة الفرنسية ، مرت بمراحل ثلاثة ، مرحلة النشأة ،ومرحلة الازدهار ومن ثم مرحلة الانتكاسة اوالعودة الى النشأة ، والسبب هو التطور (التكنلوجي) الكبير الذي ألم بوسائل المعرفة وطرق الوصول الى المعلومة ، فحل مكان الصحافة التقليدية صحافة الفضاء الافتراضي .

واصبح الكل (صحفي) ينقل الخبر من حيث هو، وتحولت ايضاً صحافة الصولجان التي كانت تخدم السلطات السياسية اوالمعارضة الى اجهزة ذكية في يد اشخاص غير صحفيين ، يستطيع به التأثيرعلى محيطه دون رقيب ، فتراجع مفهوم (التاثير الصحافي) الى غير رجعة ، وتلاشى (السبق الصحفي) الى العدم ، فتراجعت الصحافة الى مرحلة اللاعودة .

الصحافة التي كانت تصارع السلطة السياسية تحت تاثير الايديولوجيا تارة وتشكل وعي المجتمعات تارة اخرى ، لم تكن حاضرة، وكانت طيلة فترات القرن الاول من عمرها هي السلطة الرابعة وبعد مئويتها الثانية ، تخلت تدريجياً عن مكانتها فحل محلها (المجتمع المدني بمفهومه الحديث) ، انها لم تتمسك بسلطتها الرابعة بسبب التحديات الكبيرة التي واجهتها وفي مقدمتها ، عدم اختيارها المستوى الصحيح حيث جعلت من نفسها (سلطة) من ضمن السلطات، ولكنها لم توفي بمطلوباتها ، وتناست ان داخل أي سلطة بذرة فنائها تخضعها لعمليات التبديل اوالتغيير اوالزوال ، بحكم طبيعة الاشياء ، ثم تلتها اللاحيادية ، وغيرها من الافعال التي احدثت فراغاً على مستوى السلطة الرابعة .

اذا تأملنا ادوار المجتمع المدني الحديث وما يقوم به من افعال رقابية على جميع اعمال السلطات الثلاثة الرئيسة في الدولة ، فهو مردود عجز عن تحقيقه الصحافة ، حيث يقوم المجتمع المدني الحديث في تقديم نتائج لأعمال تحليلية موضوعية عن السياقات المختلفة ، ونشر التحديثات الدورية مع تقديم الحلول المتخصصة ، ومقترحات في تعديل السياسات العامة في الدولة ، والتدخل المباشر والتاثير على حالة الشعوب وتوجهاته دون اي مقابل وبأدوات تنفيذية يهابه الطغاة، هو الدور المطلوب في تقوييم اعمال السلطات وهذا الدور الفعال هو الدور المرسوم للمجتمع المدني الحديث الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية ، وهو تجسيد لدور الامم المتحدة داخل الدول ، وكل من يعتقد ان الدور الرقابي للامم المتحدة على اعمال السلطات الثلاثة تقوم بها في (نيويورك) فهو واهم وغير مدرك للحقائق ، ان الامم المتحدة تكونت لتكون احدى اركان السلطات داخل اي دولة ، تحت مسمى المجتمع المدني الذي يُحدث التحولات العميقة بمجهودات وطنية ناعمة يشوبه نوع من اعمال …….. ؟

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد