متابعات دارفور : كمبالا
أقامت منتدي الصحفيات السودانيات بالمهجر ندوة يوم أمس الجمعة إستضافت من خلالها عددآ من الصحفيات من داخل السودان والمهجر و خبيرة صحافة السلام و الصحافة الأخلاقية د .عبير السعدي و ممثل نقابة الصحفيين السودانيين و مديرة مركز الألق للخدمات الصحفية تزامآ مع اليوم اليوم العالمي لحرية الصحافة عبر تطبيق قوقل ميت.
و كشفت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحفيين السودانيين ايمان فضل السيد عن فقدان نحو ألف صحفي وصحفية العمل من العدد الكلي للصحفيين في سجل النقابة بنسبة تفوق ال50% نتيجة للحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ عام ،بالإضافة الى توجه أغلبهم للعمل في مهن اخرى هامشية لتوفير حياة كريمة لاسرهم.
و قالت إيمان فضل السيد خلال حديثها في المنتدي ، يراودنا الحزن أن يأتي هذا اليوم وأوضاع الصحفيين في السودان بكل هذا السوء في ظل الظروف القاسية والمعقدة التي يعيشونها والمعاناة المتفاقمة جراء الفوضى الأمنية، والأزمة المعيشية والصحية،وأكدت أن الصحفيين يعيشون أوضاعاً وظروف هي الأسوأ على الإطلاق طيلة مسيرة الصحافة في السودان منذ قرن و عقدين من الزمان.
وأعلنت عن تهجير 200 صحفية من مناطق تواجدهن، حسب استبيان أجرته نقابة الصحفيين ولكن بسبب ظروف الحرب وانقطاع شبكات الاتصال لم تشارك كل الصحفيات في الاستبيان، واضطر البعض منهن الى اللجوء لدول مجاورة على رأسها مصر التي بها عشرات الصحفيات معظمهن دخلن بطرق غير شرعية وتشاد التي واجهت الصحفيات فيها ظروف صعبة أثناء اللجوء .
وأضافت منذ الوهلة الاولى تحولت وسائل الاعلام بكافة اشكالها الى أهداف مشروعة لطرفي الصراع وخرجت المؤسسات الإعلامية من سوق العمل فوجد معظم الصحفيون أنفسهم عاطلين عن العمل وأغلبيتهم لم يستلموا مستحقاتهم خلال فترة الحرب الأمر الذي أدى إلى هجر الصحفيين لمهنة الصحافة،فضلا عن تدمير ونهب 90% من البنى التحتية للمؤسسات الإعلامية تسببت في اغلاقها الى غياب الإعلام المهني واغتيلت الحقيقة بغياب المعلومات والأخبار ذات المصداقية .
وأشارت تراجعت وفقا لذلك التغطيات الملتزمة بقواعد وأخلاقيات المهنة لصالح الاعلام الحربي والأخبار المضللة الى جانب احتكار طرفي الصراع للمعلومات وبث معلومات مفبركة خاضعة للآلة الإعلامية للحرب، بجانب تفشي الخطابات الضارة التي تنخر في جسد المجتمع.
إنتهاكات جسيمة و فقدان وظائف:
ونبهت الى ان الصحفيات بشكل خاص يعانين من تبعات الحرب وتداعياتها بشكل أكثر قتامة حيث تعرضن صحفيتان للاغتيال هما زميلتنا “حليمة” بسبب الدهس بسيارة مقاتلة فيما أودت قذيفة بحياة “سماهر” داخل مخيم الإيواء،وواصلت حديثها ان الصحفيات يواجهن تحديات الانتهاكات الناتجة عن العنف المبني على النوع الاجتماعي كونهن نساء وأيضاً الانتهاكات التي تستهدف الصحفيين بسبب عملهم الأمر الذي أدى لفقدان نحو 80% من الصحفيات وظائفهن والمئات خسِرن ممتلكاتهن وكافة الحقوق الأساسية المضمنة في المواثيق الدولية من الحق في السكن والعمل والحياة الكريمة، بالإضافة إلى فقدان ذويهن (القرابة من الدرجة الأولى) حيث فقدت الصحفية عرفة خواجة قتل ثلاثة من أبناءها بمنطقة الجنينة غرب دارفور قبل أن تفر مع بناتها عبر الحدود البرية إلى دولة تشاد وهي حبلى في شهرها التاسع وتنجب طفلها أثناء رحلة هروبها.
كما قتلت والدة الصحفية اعتماد الميراوي واثنين من إخوتها وابن أختها جراء سقوط دانة بمنزلهم بأمدرمان ،وقتل شقيق الصحفية امال مرحوم بالخرطوم بعد اقتحام منزلها،و أيضآ قتل والد الصحفية ماجدة ضيف الله بمدينة نيالا بعد اقتحام منزلها وهذه فقط امثلة.
وأفادت تعيش 20 صحفية في مناطق اشتباكات ويواجهن تحديات جدية،بينما بلغ مجمل الانتهاكات التي رصدتها سكرتارية الحريات خلال عام الحرب (393) حالة انتهاك مباشرة على الصحفيين ووسائل الإعلام وهي مصنفة وموثقة بحسب طبيعة كل انتهاك. معظم هذه الانتهاكات حدثت للصحفيين بحكم عملهم او انتمائهم لمهنة الصحافة شملت القتل (6) صحفيين من بينهم صحفيتان والاعتداء الجسدي والإصابة تم تسجيل (8) حالات من بينها (3) صحفيات منها حالة اعتداء جنسي واحدة ،وعدد الذين تم اختطافهم أو توقيفهم واحتجازهم من الصحفيين (39) من بينهم (5) صحفيات،كما هنالك ثلاثة صحفيين لا يزالون قيد الاحتجاز، وهم الصحفي عبد الرحمن واراب والصحفي محمد عبد الرحيم والمصور الصحفي عاصم محمد خلف الله.
ولفتت إلى صُدور قرار من النائب العام بالقبض على عشرين صحفي بتهمة انتمائهم للدعم السريع لم يتم الكشف عن أسمائهم ،كما تشهد نقاط التفتيش التابعة لقوات الجيش عداء سافراً تجاه الصحفيين ويتبعه توجيه اتهامات جزافية لهم.
وذكرت حالات التهديد تطال الصحفيين وهي نوعان من التهديدات الشخصية حيث بلغ عدد الصحفيين الذين تم توجيه تهديدات مباشرة لهم عبر الاتصال الهاتفي او الرسائل النصية، أو حملات التشهير (43) من بينهم (16) صحفية ،أما التهديدات العامة تم رصد مجموعة من الحملات والقرارات التي تشكل تهديدا للإعلام وللحريات الصحفية، منها 4 صحفية حملات على السوشيال ميديا و3 قرارات وزارية شكلت تهديدات عامة للإعلام بالإضافة إلى تحويل مباني الإذاعة والتلفزيون إلى معتقلاتٍ، الأمر الذي يزيد من خطورة تدمير أو إتلاف ارشيفٍ يقترب عمره من المائة عامًا.
وانتقدت سكرتيرة الحريات السيطرة على الإذاعة السودانية وتلفزيون السودان ببثهما من مدينة بورتسودان إلى خطاب داعم لاستمرار الحرب، تتحكم فيه قوات الجيش ويعمل فيها كوادر صحفية محسوبة على فلول النظام السابق ما يشكل انتهاكاً صارخا لمهنية الاعلام والحريات الصحفية.
وأكدت تعرض صحفيون وصحفيات إلى اطلاق نار في الطرقات أو أماكن العمل إلى القصف في مساكنهم ما عرض حياتهم إلى الخطر وأودى بحياة أفراد من عائلاتهم وتدمير وإتلاف منازلهم حيث بلغ عددهم (28) من بينهم (10) صحفيات،بجانب الاحتجاز في أماكن العمل والمنازل ما لا يقل عن 100 صحفي وصحفية يعملون في مختلف المحطات الإذاعية والتلفزيونية في أماكن عملهم لفترات متفاوتة اقلها 72 ساعة تحت القصف وبدون مؤن غذائية، بعضهم خرج بمهارات فردية خلال ساعات الهدنة والبعض الآخر تم إجلائهم بواسطة الصليب الأحمر بعد مناشدات من نقابة الصحفيين, وهنالك صحفيتين احتجزوا في مساكنهم في ظروف سيئة هما سلافة ابو ضفيرة وحنان بلة.
وكشفت عن حالات الاعتداء بالضرب ونهب الممتلكات الشخصية الذي تم على صحفيين غالباً بتوقيفهم في نقاط الارتكاز المنتشرة في عدد من الولايات أو باقتحام المنازل وتم تسجيل (27) حالة من بينهم (3) صحفيات ،وتوقفت 26 صحيفة ورقية عن الصدور و توقف 10 محطات إذاعية بولاية الخرطوم عن العمل بينما عاودت الإذاعة السودانية البث من مدينة بورتسودان،بينما توقفت 8 إذاعات ولائية وهنالك إذاعتين تعملان بشكل متذبذب وهما إذاعتي الأبيض بولاية شمال كردفان و الفاشر بشمال دارفور. وهنالك إذاعات توقفت لفترة وعاودت البث مثل إذاعة عطبرة بولاية نهر النيل وإذاعة البحر الأحمر بمدينة بورتسودان.
بالإضافة إلى إيقاف (6) محطات تلفزيونية بولاية الخرطوم عن العمل وعاودت قناة السودان البث من مدينة بورتسودان بخطاب داعم لاستمرار الحرب، تتحكم فيه قوات الجيش ويعمل فيها كوادر صحفية محسوبة على فلول النظام السابق،فضلا عن صدور قرار بإغلاق (3) مكاتب إخبارية خارجية هي سكاي نيوز والعربية والحدث من قبل وزير الثقافة والإعلام،وأيضا تعرضت مقار أكثر من (29) مؤسسة اعلامية ومكتب صحفي إلى الاستباحة والتدمير بالكامل والإغلاق.
وأردفت لا يمضي يوم من أيام الحرب إلا تعرضت منازل الصحفيين إلى المداهمة وعمليات النهب وإتلاف للممتلكات وبعضها تم تحويله إلى سكنات عسكرية حيث بلغت عدد المنازل التي تمت استباحتها ما لا يقل عن 100 منزلاً وعندما تعلم القوات المقتحمة للمنزل انه منزل صحفي يتم السؤال عنه والتحقيق مع الجيران لمعرفة المكان الذي انتقل اليه.
معاناة بالغة تعيشها الصحفيات:
و قالت مديرة مركز الألق للخدمات الصحفية صباح ادم يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل ظروف ومعاناة حقيقية للنساء بالأخص الصحفيات السودانيات .
وأكدت صباح ادم خلال حديثها في منتدي الصحفيات السودانيات بالمهجر اليوم تعرض النساء للعنف ممنهج منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي من طرفي القتال حيث بلغت حالات العنف الجنسي 161 حالة اغتصاب حسب وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل واعتبرت هذه الأرقام غير دقيقة خاصة ان هناك صعوبة في الوصول إلى الضحايا بسبب العادات والتقاليد لدى الأسر السودانية المتوارثة باعتبارها وصمة عار حتى الموت وتتوارث إلى الأحفاد .
وكشفت عن اقامة أكثر من 40 صحفية في دور ايواء بولاية كسلا يواجهن انتهاكات في عدم ممارسة الحق في التعبير لانهن يتم اتهامهن بالانتماء للدعم السريع ،وتابعت الإشكالية هي تواجد الصحفيات في مناطق القتال ،ونبهت الى توقف أكثر من 20 صحيفة عن العمل ،فضلا عن ايقاف هيئة الاذاعة والتلفزيون التي اغلب العاملات فيها صحفيات مما ادي الى وجود اعداد كبيرة من الصحفيات في اوضاع اقتصادية سيئة.
وأضافت ان الصحفيات أكثر ضرر بسبب النزوح بعد الحرب مع اسرهن إلى المناطق الآمنة حيث يقطنون في مراكز الايواء في بيئة غير مهيئة للعمل بالتالي الاستمرار فيه بصعوبة بمكان ،كما أن بعضهن يقطن مع بعض أقاربهن في منازل مكتظة بالناس بالإضافة إلى قطع الإنترنت أو عدم السماح بالخروج إلى الشارع خوفا من المضايقات أو الاغتصاب.
واشارت الى ان الصحفيات يتحملن في بعض الأحيان الاتهام بالعمالة والارتزاق، ويوجه ضدهم خطاب إعلامي تسهم فيه مجموعات مضادة .
و أعلنت عن دراسة للانتهاكات التي تعرضت لها المدافعات عن حقوق الانسان والصحفيات في الجزيرة وسنار والنيل الأبيض حيث نزحت أعداد كبيرة منهن إلى مناطق آخرى بسبب هذه الانتهاكات واحيانا يقمن بدفن التلفونات في الأرض خوفا من وجوده من قبل الدعم السريع ،بجانب عدم السماح للصحفيات بدخول دور الايواء في عطبرة الا عبر اذن من الاستخبارات العسكرية ،بالإضافة إلى تعرض للعنف على اساس اثني وعرقي.
من جانبها وجهت خبيرة السلامة والصحافة الاخلاقية د. عبير سعدي تحية للصحفي والصحفية السودانية باليوم العالمي لحرية الصحافة، وانتقدت استمرار الانتهاكات على الصحفيات السودانيات المعلنة من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية ربما تكون أقل من الانتهاكات الحقيقية .
وقالت إن العديد من النساء لايتحدثن عن الانتهاكات بالتالي تكون صامتة وأشارت الى خطورة ذهاب الصحفيات الى مناطقهم للبحث عن الأمن والأمان بعد اغلاق مؤسسات الإعلام في الخرطوم وطالبت الصحفيات باخفاء هويتهم خاصة ان الهوية الصحفية للصحفيات غير مؤيدات لطرفي الحرب هوية خطيرة،بجانب الانتهاكات من العادات والتقاليد ضد النساء خاصة ان الصحفيات موجودات في سياقات مختلفة .
ونبهت الى خطورة فقدان الصحفيين والصحفيات الى العمل بسبب الحرب ونهب أجهزة و معدات العمل مما اصبح كل الصحفيات يعتمدون على الهاتف المحمول وضعف الاتصالات.
وأقرت بوجود تحديات تواجه الصحفيات على اساس النوع الاجتماعي تسببت في زيادة حالات الانتهاكات الجنسية والجسدية في السودان،فضلا عن اشكالية الاثنية والقبلية لدي الصحفيات في بعض المناطق تسبب في مخاطر محددة بالإضافة إلى حملات التشهير وخطاب الكراهية ضد الصحفيين وتحديدا الصحفيات .
واشارت الى ان وجود الصحفيات في بعض الدول يعانون من النواحي النفسية ،بسبب الابتعاد عن اسرتها ،مشكلة اللغة وضيق فرص العمل في تلك الدول .
وكشفت ان منظمة مراسلون بلا حدود صنفت السودان في مركز 149 في قياس حريات الصحافة وفي جزئية الوضع الأمني يحتل السودان 162وفي الوضع الاقتصادي 152 مما يدل على أن الوضع الأمني في السودان من أسوأ الأوضاع عالميا.
إلى ذلك اشتكت الصحفية لنا عوض من ولاية شمال دارفور من انعدام الرعاية الصحية وإغلاق المستشفيات خلال فترة عام الحرب التي تسببت في زيادة معاناتها مع المرض العضال حيث ساءت حالتي الصحية كثيرآ اكثر من أربعة أشهر وانا طريحة الفراش مما اجبرتني ظروفي الصحية للسفر الى مدينة مدني للاستشفاء مكثت في مستشفي ود مدني ثلاثة شهور.
وأفادت لنا خلال مداخلتها في منتدى الصحفيات السودانيات بالمهجر ان سقوط الدانات والحصار على المستشفى أجبرها للخروج من المدينة بأكملها واتجهت إلى شرق السودان لاكمال العلاج،وتابعت واجهت كل هذه المعاناة وانا جالسة مشلولة بسبب مرض الذئبة الحمراء مرض مناعي. وأشارت إن الصحفيات بشمال دارفور هن الأكثر تضررا تعرضن للعديد من الانتهاكات ومضايقات مما أجبر بعضهن بالهجرة الى دول مجاورة.