متابعات دارفور : طرابلس
في خطوة ربما لم تكن مفاجئة للكثير من المراقبين التقى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارته إلى ليبيا بعضوا جماعة الاخوان المسلمين العالمية مفتي ليبيا الصادق الغرياني المعروف بدعمه للارهاب والجماعات الجهادية المتشددة في ليبيا والعالم.
ولم توضح دار الإفتاء أية تفاصيل إضافية لما جرى خلال اللقاء ، والصادق الغرياني البالغ من العمر 77 عاما، يوظف صفته كمفت لإطلاق فتاوى تحرض على قتال خصومه، لـ”نصرة الدين” والجهاد والتطرف حيث بات يلقبه البعض بـ”المفتن الدجال” بسبب فتاويه التحريضية التي لا تمت للدين بصلة فتاوى الغرياني تحشر نفسها في اختصاصات جهات تشريعية وتنفيذية لا علاقة لها بها، كفتوى عدم جواز التجمهر الاحتجاجي ضد السلطة بحجة عدم الخروج عن الحاكم.
وتتسم مواقف الغرياني من التدخل الأجنبي بالتناقض. ففي حين كان يصف طائرات حلف شمال الأطلسي في 2011 بـ”طيور الأبابيل” التي جاءت لإنقاذ الليبيين من جبروت القذافي ، يهاجم الدول العربية والأوروبية ويصفها بـ”عملاء إسرائيل”.
ويعرف الشيخ بخطابه التكفيري المشيد بالجماعات المتطرفة التي ينفي عنها دائما صفة الإرهاب إذ قال في تصريحات سابقة “لا يوجد إرهاب في ليبيا، ويجب ألاّ تطلق كلمة الإرهاب على أنصار الشريعة، فهم يَقتُلون ولهم أسبابهم، من مات منهم فهو شهيد”.
ويطلق الشارع الليبي صفة “مفتي قطر” على الغرياني وذلك لدفاعه المستمر على تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية لليبيين وتهجمه على رافضي ذلك التدخل الذين وصفهم بالكلاب عندما قال “من لا يشكر قطر فهو أقل من الكلب”.
ضغط الغرياني لتأسيس دار الإفتاء بعد سنة من الإطاحة بالقذافي فأصدر المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى عبدالجليل القانون رقم 15 لسنة 2012، الذي شرعن لعودة مؤسسة دار الإفتاء ومنصب مفتي ليبيا، وكُلِّف الغرياني برئاستها، وأثار هذا القانون جدلا واسعا حينئذ.
ورغم معارضة رابطة علماء ليبيا للقرار الذي اعتبرته يفتح الباب لتفرد الغرياني بقرار الإفتاء إلا أن صوتها لم يجد آذانا مصغية ولم تتم إقالة الغرياني إلا في نوفمبر 2014 من قبل مجلس النواب الذي قامت الميليشيات بطرده خارج طرابلس بعد هزيمة الإسلاميين في الانتخابات التشريعية التي جرت في نفس العام.
وانتقد رجال دين في ليبيا القرار الذي قالوا إنه يعطي صلاحيات واسعة وحصانة قضائية للمفتي من المقاضاة أمام القضاء، لكن المادة الأكثر جدلا كانت تلك التي تمنع مناقشة الفتاوى الصادرة عنها في وسائل الإعلام، وهو ما اعتبر تعديا على حرية التعبير.
وينص القانون 15 لسنة 2012 على أن دار الإفتاء مؤسسة حكومية، منح رئيسها الصادق الغرياني مزايا منصب رئيس وزراء.
وانطلق الغرياني في إصدار فتاواه المسيسة وهو ما كشف لأنصار الدولة المدنية الذين انخرطوا بقوة في إسقاط نظام القذافي أنه لم يكن يناصر “الثورة” بل كان يمهد لسيطرة الإسلاميين على البلاد. ومن الصعب حصر الفتاوى الغريبة للصادق الغرياني لكن أبرزها الفتوى الأخيرة التي أصدرها بحرمة تكرار الحج والعمرة.
ونصح كل من يريد الحج أو العمرة، أن يدفع الأموال للميليشيات الإسلامية المسلحة ، فتوى الغرياني الغريبة التي أثارت الاستهجان والسخرية، تضاف لسابقاتها من فتاوى التضليل، فقد دعا من قبل لإخراج زكاة المال للميليشيات الإسلامية التي تجاهد عملاء إسرائيل .
وقد تدخلت تلك الفتاوى في اختصاصات جهات تشريعية وتنفيذية، كفتوى عدم جواز التجمهر الاحتجاجي ضد السلطة .
ويقول بعض المراقبين للشأن الليبي إن دار الإفتاء بعد أن تحولت إلى طرف سياسي له وجهة نظر من ذات السلطة التي تعتبر إحدى مؤسساتها، ومن بعض مكونات العملية السياسية.
في يونيو 2017 قامت حكومة السراج بإقفال دار الإفتاء ومصادرة محتوياتها، وهو القرار الذي دفع بالغرياني للفرار إلى تركيا وجاءت تلك الخطوة عقب أكثر من سنة على دخولها إلى طرابلس بعد توقيع اتفاق الصخيرات، لكنها أبقت عليه مفتيا للبلاد رغم مهاجمته لها مرارا.
ويعد لقاء البرهان بالصادق الغرياني بمثابة إعلان رسمي من البرهان عن مولاة جماعة الاخوان المسلمين في السودان وهي خطوة بحسب مراقبين قد تفتح الباب أمام ممارسة كافة أشكال العنف والتطرف والارهاب في البلاد وربما تعيد السودان إلى سنوات العزلة الدولية.