أثارت الزيارات التي قام بها رئيس المجلس السيادي السوداني وقائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان إلى كينيا وأثيوبيا جدلاً واسعاً، خاصة وأن علاقة السودان مع الدولتين شابها التوتر بعد أن شن مساعد البرهان الفريق ياسر العطا هجوماً على الرئيس الكيني روتو ، وإمتعض البرهان من مطالبة الرئيس الأثيوبي أبي أحمد بإرسال قوات أفريقية لحفظ السلام في السودان، وقبل أن تثمر جهود البرهان أعاد العطا الكرة مرة أخرى متهماً دولة الأمارات بدعم الدعم السريع وملمحماً بمساندة دول أفريقية لقوات الدعم السريع ما فتح الباب واسعاً ورفع عقيرة السؤال ..هل تنسف تصريحات العطا التفاهمات التي توصل لها البرهان مع قادة أفارقة بشأن قمة (الايقاد) المرتقبة؟
مناوي يكشف التفاصيل:
كشف حاكم إقليم دارفور مناوي تفاصيل زيارات رئيس مجلس السيادي لعدد من الدول الأفريقية الأيام الماضية ، وقال في مؤتمر صحفي بفندق (ريدسون بلو) بالعاصمة الأثيوبية الأربعاء الماضي إن “زيارات البرهان إلى عدد من الدول الأفريقي هدفت لتعزيز دورها في الإضطلاع بمهامها تجاه حل الأزمة السودانية” وأضاف الرئيس الكيني وليم روتو أكد لنا أنه مع وحدة والسودان ولا يرغب أن تخرج من رحم أفريقيا دولة جديدة، ووافقه الرأي الرئيس الأثيوبي أبي أحمد وزاد رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير جدد دعمه لجهود السلام أما أفورقي قال لنا إنه “يستشعر خطر داهم على القارة جراء الحرب في السودان وفي محازه منه يقف الرئيس السيسي”.
وشدد مناوي على ضرورة أن يكون هناك دوراً لدول الجوار الإقليمي في حل الأزمة السودانية الماثلة خاصة أنها استضافت اللاجئين السودانيين واحتضنتهم في أراضيها وقال : “يكمن التوصل لإتفاق يوقف اطلاق النار في جدة ومن ثم أخذ الملف إلى الاتحاد الأفريقي والإيقاد ودعوة كل القوى السياسية للمشاركة في حوار يشمل الجميع ليس كالحوار الذي كان قبل 15 أبريل”.
زيارة جيبوتي:
من الواضح أن زيارة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إلى جيبوتي في الأسبوع الماضي جاءت من أجل دعم الحل السياسي في السودان بعد أن تم تقسيم العمل في منبر جدة وتفويض قضايا الحل السياسي إلى منظمة (إيقاد) والاتحاد الأفريقي، خاصة بعد اتفاق البرهان مع السيد ورقني قبيهو، السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد)، على عقد قمة طارئة لرؤساء بلدان الهيئة لبحث أزمة السودان.
تصريحات العطا:
قال خبير دبلوماسي – فضل حجب إسمه- إن تصريحات مساعد البرهان ياسر العطا الأخيرة والتي إتهم فيها الإمارات بدعم الدعم السريع وكذلك تلميحه بقيام دول أفريقيا بدور سالب تجاه الحرب في السودان ، قطع الطريق أمام مجهودات البرهان الأفريقية خاصة وأنه كان يعتزم إكمالها في مؤتمر المناخ الذي تنظمه الإمارات في أبوظبي.
قناعات جديدة:
ويرى المحلل السياسي الدكتور أحمد المفتي إن زيارات البرهان إلى كينيا وأثيوبيا وجيبوتي مردها قناعته بأن منبر جدة بعد أن ضم إليه ممثلين (الإتحاد الأفريقي ، الإيقاد ، مجلس السلم والأمن الافريقي) أصبح شاملاً وبالتالي لا بد من أن يوضح وجهة نظره للحل ويقرب الشقة ويزيل التوتر الذي شاب علاقة الخرطوم بعدد من الدول الأفريقية لتعلب دوراً إيجابياً من خلال منبر جدة التفاوضي لصالحها ، وقال المفتي لـ(راديو دبنقا) : ” توصلت مصر لنفس القناعة ، علي الرغم من أنها كانت تعول علي مؤتمر دول الجوار الافريقي الذي أسسته ، ولكن وردتها لها إشارات لصرف النظر عنه وعبرها إتضح لدول الجوار الافريقي أنه يستحيل عليها أن تدخل في مسار آخر ناحج بخلاف مسار الاتحاد الافريقي والايقاد” ، وأضاف المفتي إن مسهلي منبر جدة (السعودية – الولايات المتحدة) اشادوا بمؤتمر دول الجوار ولكنهما ما عادوا متحمسين له وأرسلا تلك الإشارة لمصر ضمن البيان الذي اصدرته الخارجية السعودية ، بتاريخ 7 نوفمبر الماضي ، عن مفاوضات جدة ، حيث لم يرد فيه ذكر لمصر أو لمؤتمر دول الجوار .
من جانب آخر يرى المفتي أن نيروبي وأديس أبابا إقتنعتا بأنه لاحل إلا بالتعاون مع البرهان الذي إقتنع بأن تحفظاته على كينيا واثيوبيا ، أقل من ان يسمح لها ، بإعاقة المسار الافريقي الذي ظهرت أهميته ، خاصة بعد أن لمس إشارات من كينيا لإعادة التعاون وذلك في لقاءه مع الرئيس الكيني وليم روتو بجدة .
الإسلام السياسي:
وترى المحللة السياسية المصرية د.أماني الطويل إن الجيش السوداني يشهد معضلة حقيقية في شأن موقفه من المفاوضات، فهو لم يحقق انتصارات تضمن له موقفاً تفاوضياً مؤثراً، كما أنه يواجه تحدي العلاقة العضوية مع الجزء الأكثر تشدداً من تيار الإسلام السياسي، الذي يمارس ضغوطاً مستمرة ضد أية تفاعلات تفاوضية تسفر عن وقف إطلاق النار. كما أن هذا التيار لم يؤثر في الموازين العسكرية بشكل إيجابي لصالح الجيش، على رغم مشاركة بعض المنتسبين إليه في المعارك، فضلاً عن كل ذلك فقد رشح أخيراً اتجاه لخلافات بين الفريق عبدالفتاح البرهان وياسر العطا مساعده على قيادة الجيش السوداني، وذلك قبيل زيارة البرهان لأبوظبي على هامش مؤتمر “كوب 28″، وهي الزيارة المأمول منها أن تفضي إلى هندسة تسوية سياسية للأزمة السودانية.