متابعات دارفور
أنهى رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الاثنين أشهرا من القطيعة مع كينيا بزيارة لنيروبي اتفق خلالها مع الرئيس الكيني وليم روتو على تسريع مفاوضات جدة وصولا لوقف إطلاق النار وعقد قمة طارئة لرؤساء إيقاد.
و وصل رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى نيروبي الاثنين، في زيارة غير محددة المدة اعتبرت محاولة من قائد الجيش لتحريك المفاوضات التي تراوح مكانها بعد أن مني بخسائر متتالية على الجبهة خصوصا في دارفور، حيث لجأ للتحركات الدبلوماسية لتدارك أزمته العسكرية التي تزداد خطورة مع مرور الوقت.
وأكدت الرئاسة الكينية أن الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية “الإيغاد” ستعقد قمة عاجلة خلال الساعات المقبلة لبحث دفع عملية التفاوض الجارية في جدة والساعية لحل الأزمة السودانية الراهنة، وذلك مع تواصل المعارك وسيطرة قوات الدعم السريع على عدة مقار للجيش الذي قرر التحرك سياسيا لإنعاش المفاوضات واحتواء أزمته.
وتحمل زيارة البرهان لنيروبي رمزية خاصة لأنه أعلن مرارا رفضه لرئاسة كينيا للجنة الرباعية لـ”إيغاد” بشأن حل الأزمة السودانية، معتبرا أنها منحازة لقوات الدعم السريع، وهو ما يشير إلى رغبة قائد الجيش في وسيط مقرب من الدعم السريع لاحتواء الموقف الخطير الذي يهدده.
وشددت الرئاسة الكينية في بيان صدر عقب لقاء بين الرئيس الكيني ويليام روتو والبرهان في العاصمة الكينية نيروبي الإثنين، على الحاجة الملحة لإيجاد حل للصراع في السودان في أقصر وقت ممكن.
و”إيغاد” منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست في 1996، وتتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلا من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، إلى جانب إريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
وقالت الرئاسة الكينية في بيان لها، إن الزعيمين أجريا محادثات ثنائية حول الوضع الأمني الأخير في السودان والمنطقة، كما استعرضا حالة مبادرات السلام الجارية، بما في ذلك عمليتا السلام في جدة وإيغاد.
وأشار البيان إلى أن روتو والبرهان، اعترفا بالتقدم البطيء لمفاوضات جدة، وإلى الحاجة لتسريع عملية نحو وقف الأعمال العدائية وتقديم المساعدات الإنسانية، والعمل على عقد قمة عاجلة للإيغاد، في سبيل إيجاد طرق لتسريع عملية جدة نحو وقف الأعمال العدائية في السودان، وستتفق القمة أيضًا على إطار عمل لحوار سوداني شامل.
واختتم بيان الرئاسة الكينية بالإشارة إلى التزام الرئيس وليام روتو، بإحاطة رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية بشأن هذا الاجتماع.
وشهدت علاقات السودان وكينيا توترا شديدا بعد اندلاع الحرب منتصف إبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ووجهت الخرطوم اتهاما صريحا لنيروبي بدعم محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد الدعم السريع.
وظل السودان الذي تخضع فيه مؤسسات الدولة لسُّلطة الجيش، يتهم كينيا بعدم الحياد تجاه الحرب التي يخوضها الجيش ضد قوات الدعم السريع.
ويقول نافذون في الحكومة السودانية إن الرئيس الكيني ينطلق في موقفه المنحاز للدعم السريع من مصالح اقتصادية وعلاقات شخصية تربطه بقائد الدعم السريع محمد حمدان “حميدتي”، وتبعا لذلك عارض السودان رئاسة كينيا للآلية الرباعية التي كونتها ايقاد لحل الأزمة في السودان.
وفي سبتمبر الماضي قال الرئيس الكيني لقناة “سي ان ان” إنه تحدث هاتفياً مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، واتضح أنه تراجع عن اتهام كينيا بالانحياز إلى طرف في الصراع وانه مستعد لانخراط منظمة إيقاد مع آخرين بما في ذلك مصر ودول الجوار والسعودية وأميركا للتنسيق بين كل هذه المبادرات للوصول إلى حل.
رحب الناطق بأس الحرية والتغيير، ياسر عرمان بزيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى كينيا.
وقال عرمان في تغريدة على منصة “X” :”هذه الخطوة تجد منا الترحيب، تحتاج الزيارة من الفريق البرهان اتخاذ نهج شامل جديد لتصحيح الخطأ الفادح في الانقلاب والحرب تلك الجرائم التي يقف خلفها الفلول، وربما شكلت الفرصة الأخيرة لإنهاء الحرب”
ولم تحقق نتائج جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت في جدة بين طرفي النزاع في السودان نتائج مهمة تعيد الأمل لملايين السودانيين الذين أرهقتهم الحرب وشردتهم من بيوتهم.
وجاء في البيان الختامي الصادر باسم الوساطة السعودية – الأميركية إن طرفي النزاع أقرا بالمطالب لبناء الثقة، من بينها اتخاذ إجراءات حيال الجهات التي تؤجج الصراع واحتجاز الهاربين من السجون. وأكد البيان التزام طرفي النزاع بالانخراط في آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال الإغاثة وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور العاملين في المجال الإنساني.
واتفق الطرفان، وفقاً للبيان على مطالب لبناء الثقة شملت إنشاء آلية تواصل بين قادة الجيش والدعم السريع، وتحسين المحتوى الإعلامي، وتخفيض حدة اللغة الإعلامية بين الطرفين، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع.
ورغم أن البيان حمل عبارات الأسف لأن الطرفين لم يتوصلا لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن بعض أطراف الوساطة ترى أن هذه بداية يمكن البناء عليها في مرات قادمة.
وبالتوازي مع التحركات السياسية لإنعاش المفاوضات والتوصل إلى حل سياسي، تتواصل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منطقة جبل أولياء بجنوب الخرطوم.
ونشرت الدعم السريع على حسابها بموقع إكس مقاطع فيديو لما قالت أنه “مشاهد من عودة الحياة والأمن والاستقرار بكأس عقب تحرير جنوب دارفور من مليشيا البرهان”.
وذكرت مصادر من قوات الدعم السريع الأحد بأن قوة من الدعم تمكنت من الاستيلاء على قاعدة النجومي الجوية بمنطقة جبل أولياء بعد أن هاجمت قوات الجيش هناك وأجبرتها على التراجع جنوبا باتجاه ولاية النيل الأبيض بوسط السودان.
لكن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله نفى في بيان عبر فيسبوك في وقت متأخر الأحد سيطرة الدعم السريع على قاعدة النجومي الجوية، قائلاً “لا صحة لما تم الترويج له باحتلال قاعدة النجومي الجوية جنوب الخرطوم أو الاقتراب منها”.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الأبيض من ثلاثة اتجاهات، في محاولة للسيطرة على مقر الفرقة الخامسة التابعة للجيش، وذلك بعد أيام قليلة من سيطرتها على ثلاث مدن رئيسية في إقليم دارفور بما في ذلك فِرق وحاميات الجيش هناك.
ويعيش السودان أوضاعا أمنية وإنسانية خطيرة بسبب القتال المستمر منذ الخامس عشر من أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من مناطق البلاد الأخرى، والذي أدى لمقتل نحو 10 آلاف وتشريد أكثر من 7 ملايين داخل وخارج البلاد.