غاز الكلور يتحول لسلاح في حرب السودان

متابعات دارفور: وكالات

تم إلقاء براميل من غاز الكلور في شهر أيلول/ سبتمبر 2024 بالقرب من مصفاة للنفط في السودان، وفق ما كشفه الجزء الأول من تحقيق أعده فريق تحرير “مراقبون”. يكشف الجزء الثاني من هذا التحقيق، أن هذه البراميل تم توريدها من قبل شركة سودانية مقربة من الجيش وهي “شركة الموانئ الهندسية”، بذريعة استخدامها في إنتاج الماء الصالح للشرب.

في يومي 5 و 13 أيلول/ سبتمبر 2024، تم استخدام غاز الكلور كسلاح كيميائي بالقرب من مصفاة الجيلي للنفط التي تقع في شمال العاصمة السودانية الخرطوم. وكان الجيش آنذاك يحاول استعادة السيطرة على مصفاة النفط هذه من أيدي قوات الدعم السريع، المليشيا التي تقاتلها في حرب أهلية مستمرة منذ نيسان/أبريل 2023. وتم إلقاء براميل تحتوي على مادة الكلور من الجو، علما أن الجيش السوداني يُعد الطرف الوحيد في النزاع الذي يستخدم الطائرات العسكرية القادرة على تنفيذ مثل هذه الغارات. وخلص الاستقصاء الذي أجريناه إلى أن شركة هندية اسمها “كيمترايد إنترناشونال كوربورايشن “Chemtrade International Corporation، هي التي قامت بتصدير هذا الغاز إلى السودان. وتؤكد الشركة أنه كان من المقرر أن يتم استخدام هذه المادة “بهدف معالجة الماء الصالح للشرب فقط”، وهو استخدام مدني رائج لهذه المادة.

الجزء الثاني من التحقيق في سطور:

  • مادة غاز الكلور التي تم إلقاؤها على مصفاة الجيلي للنفط بين يومي 5 و 13 أيلول/سبتمبر 2024، تم توريدها من قبل شركة سودانية يديرها مسؤول عسكري اسمها “شركة الموانئ الهندسية”.
  • تقدم الشركة نفسها على أنها متخصصة في الأشغال العامة. لكنها استوردت معدات عسكرية عدة مرات، كما تربطها علاقات تجارية مع شركة تركية تصنع الذخيرة، وفقًا لبيانات تجارية حصرية قدمتها منظمة “سي فور أي دي إس C4ADS”، الأمريكية غير الحكومية.
  • بحسب الشركة المصدرة الهندية، فإن شركة الموانئ الهندسية كانت زعمت أن براميل الكلور هذه سيتم استخدامها فقط “في عمليات معالجة الماء الصالح للشرب”. ليس هناك ما يؤكد أن هذه البراميل قد تم استيرادها إلى السودان لهذا الغرض.
  • الحصول على الماء الصالح للشرب يعد تحديا صعبا في السودان حيث لا يتمكن أكثر من ثلث السكان من الحصول عليه. ومادة الكلور هي أساسية لإنتاج ماء نظيف صالح للاستخدام البشري. لو تم استخدام البرميلين اللذين استُخدما في الهجمات في محيط مصفاة الجيلي في محطة لتنقية المياه، لكان من الممكن إنتاج ما يكفي من المياه الصالحة للشرب لتلبية الاحتياجات الحيوية لمليون نازح لمدة 6 أشهر.

من الهند إلى ساحة المعركة السودانية، مسار برميل من الكلور استُخدم كسلاح كيميائي

لتتبع أثر براميل الكلور، بدأنا من مقطع فيديو يظهر البرميل الذي سقط في 5 أيلول/سبتمبر 2025 على قاعدة قري العسكرية، على بعد 5 كيلومترات شرق مصفاة الجيلي.

وعلى هذا البرميل، نرى رقم التصنيع المنجمي وهو  “GC-1983-1715”.

تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية توريد برميل مادة الكلور الذي يحمل الرقم “GC-1983-1715” إلى السودان. وتم إرسال هذا البرميل من قبل شركة هندية متخصصة في تجارة براميل الغاز المضغوط، وهي “شركة كيمترايد الدولية Chemtrade International Corporation”. وكان البرميل جزءا من شحنة تتضمن 17 برميلا من هذا الصنف، وتم نقلها عبر باخرة انطلقت من بومباي في يوم 14 تموز/يوليو 2024 في اتجاه ميناء بورتسودان.

وفقا لتبادل رسائل عبر البريد الإلكتروني بين شركة “كيمترايد” الهندية وشركة الخدمات اللوجستية المكلفة بعملية النقل، تمكن فريق التحرير من الاطلاع عليها، فإن دخول هذه الشحنة التي تضم ذلك البرميل مع 16 برميلا آخر من نفس المادة إلى الأراضي السودانية تم على الأرجح في أوائل شهر آب/أغسطس 2024 عبر ميناء بورتسودان. وهو الميناء البحري التجاري الكبير الوحيد في السودان. وباتت مدينة بورتسودان عاصمة مؤقتة للحكومة التابعة للجيش. وتم على الأرجح استلامها لاحقا من قبل موردها في يوم 17 آب/أغسطس 2024، أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من نشر مقاطع الفيديو الأولى التي تظهر إلقاء أحد هذه البراميل على مصفاة الجيلي للنفط في يوم 5 أيلول/سبتمبر 2024.

شركة الموانئ الهندسية.. مورد سوداني متخصص رسميا في الأشغال العامة.. 

من هي الشركة التي استلمت هذه البراميل؟ هنا أيضا، الوثيقة التي تمكن فريق التحرير من الاطلاع عليها تمنح الإجابة. يتعلق الأمر بشركة سودانية اسمها “شركة الموانئ الهندسية Engineering Port Company”، ومقرها في حي ديم مدينة بمدينة بورتسودان.

على موقع شركة الموانئ الهندسية، نجد أن الشركة متخصصة في الأشغال العامة. إذ يشير الموقع بالتحديد إلى نشاط الشركة في “المعالجة المتقدمة للمياه” التي تبدو وكأنها إشارة إلى إنتاج الماء الصالح للشرب، بدون تقديم مزيد من التفاصيل.

وبالفعل، فإن مادة الكلور مستخدمة في معظم الأحيان في إنتاج الماء الصالح للشرب وفق ما أكده ماتيو غيدوتي الباحث في الكيمياء والمتخصص في الأسلحة الكيميائية الذي يوضح قائلا:

غاز الكلور هو مادة منتشرة على نطاق واسع في استخدامات سلمية: يمكن أن نقوم باستخدامه في تعقيم الماء الصالح للشرب ولإنتاج مواد بلاستيكية. هذه الاستخدامات المدنية تفرق الكلور عن أسلحة كيميائية والتي غالبا من يتم تطويرها بهدف القتل.

براميل كلور تم توريدها من أجل إنتاج ماء صالح للشرب؟

هل أن براميل غاز الكلور التي تم العثور عليها بالقرب من مصفاة الجيلي للنفط تم شراؤها في البداية من قبل شركة الموانئ الهندسية بهدف إنتاج الماء الصالح للشرب؟ دروفش بهونسال مدير التسويق في الشركة الهندية المصدرة للشحنة “كيمترايد” يؤكد أن ذلك هو الصحيح قائلا:

هذه الشركة تورد أسطوانات كلور موجهة حصرا بغاية معالجة الماء الصالح للشرب في شبكة التزود بالمياه في منطقة طويلة (فريق التحرير: تقع هذه المنطقة في ولاية النيل الأبيض في جنوب البلاد). لقد أخبرونا بشكل شفوي بأنهم يعملون بموجب عقد مع  Nile River Water Board (هيئة مياه النيل، فريق التحرير). ولم يكن من المقرر أن يتم استخدام الكلور في أي مجال آخر.

شبكة توزيع المياه في منطقة طويلة هو مشروع لإنتاج الماء الصالح للشرب أطلقته منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في سنة 2020. المشكل الأول يتمثل في أن هذه المنظمة الدولية، على الرغم من إشرافها على هذا المشروع، تؤكد عبر المتحدث الرسمي باسمها بأنها لم تعمل على الإطلاق مع شركة الموانئ الهندسية”. كما أن شبكة طويلة للماء الصالح للشرب لا تستخدم على الأرجح الكلور لتطهير المياه الصالحة للشرب. حيث يقول متحدث باسم منظمة اليونيسف:

لا توجد مضخات لجرعات غاز الكلور (فريق التحرير: معدات ضرورية لتحديد كمية غاز الكلور التي يجب ضخها في كمية محددة من المياه حتى يصبح صالحا للشرب) في محطة طويلة، ومنظمة اليونيسف لم تقدم بشكل مباشر غاز الكلور إلى شبكة توزيع المياه في هذه المدينة. اليونيسف تقدم مسحوق الكلور لهذا الغرض.

كما توضح المنظمة الأممية أيضا بأن “رقم التصنيع الظاهر على (البرميل الذي تم العثور عليه في قاعدة قري العسكرية) لا يتطابق مع رقم أي (برميل) تم شراؤه أو توريده من قبل اليونيسف”.

حاول فريق التحرير الاتصال بـ”هيئة مياه النيل Nile River Water Board”، التي كان من المفترض بأنها تتعاون مع “شركة الموانئ الهندسية Ports Engineering Company” في استيراد براميل الكلور. كما حاولنا التواصل مع مدير هيئة مياه الشرب بولاية النيل الأبيض، وهي الهيئة التي تشرف على مياه الشرب في هذه الولاية، التي توجد فيها محطة توزيع المياه بمنطقة طويلة. وإلى غاية نشر هذا المقال، لم يتم الرد على طلباتنا.

شركة الموانئ الهندسية استوردت 123 برميل كلور آخر… ومصيرهم مجهول

كما قام فريق تحرير مراقبون فرانس24 أيضا بمحاولة التواصل مع شركة الموانئ الهندسية وذلك بالخصوص بهدف معرفة ما إذا كانت على علم بتحويل وجهة غاز الكلور من قبل الجيش السوداني أو أي مجموعة مقاتلة أخرى. ولم يتم مدنا إلى حد الآن برد على استفساراتنا.

وبات الموقع الإلكتروني لشركة الموانئ الهندسية مغلقا خلال تحقيقنا. ولا يعلم فريق تحرير مراقبون فرانس24 ما إذا كان نشاط الشركة مستمرا على الرغم من إغلاق موقعها.

في كل الأحوال، فإن هذين البرميلين من غاز الكلور اللذين تم استخدامهما كأسلحة كيميائية في منطقة الجيلي لا يمثلان سوى جزء صغير من الكلور الذي قامت شركة الموانئ الهندسية بتوريدها. إذ وفق معطيات تجارية قدمتها منظمة “سي 4 إي دي إس”، وهي منظمة غير حكومية أمريكية متخصصة في مكافحة الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة، فإن الأمر يتعلق على الأرجح بـ125 أسطوانة من الكلور قامت على الأرجح شركة “كيمترايد” الهندية بتصديرها إلى السودان منذ بداية الحرب الأهلية. وأكدت لنا الشركة الهندية في رسالة عبر البريد الإلكتروني بأن “كل معاملاتها السابقة أو الحالية، تمت فقط عبر شركة الموانئ الهندسية”. زد على ذلك، بأن لا يظهر أي مورد آخر لمادة الكلور وفق سجل المعطيات التجارية السودانية، باستثناء منظمة “أطباء بلا حدود” غير الحكومية وشركة محلية أخرى.

فيما لا يزال الغموض يلف مصير 123 برميل كلور المتبقية، التي يمكن استخدامها كأسلحة كيميائية وأيضا في مجالات حيوية لتوفير حاجيات الشعب السوداني من الماء الصالح للشرب.

“نقص الحصول على المواد الكيميائية اللازمة لمعالجة المياه تساهم في وقوع انتشار أوبئة”

الحصول على ماء صالح للشرب هو تحد حساس جدا في السودان، حيث لا يتمكن ما يقرب من 17,3 مليون شخص من الحصول عليه بسبب تدمير محطات التعقيم وانقطاع الكهرباء ونزوح السكان بسبب الحرب.

هذا النقص الصارخ في الماء الصالح للشرب يؤدي إلى انتشار الأوبئة ولا سيما الكوليرا. وقد تضررت ولاية النيل الأبيض، حيث توجد محطة توزيع المياه في طويلة، بشدة منذ بداية العام. فقد أصيب 2700 شخص، بينهم 500 طفل، بهذا المرض بين يناير وفبراير 2025، وفقا لليونيسف. 

كان السبب الأول من تفشي هذا الوباء هو تدمير محطات الطاقة الكهربائية من قبل قوات الدعم السريع. من جانبها أوضحت متحدثة باسم اليونيسف أن ”نقص توفر المواد الكيميائية اللازمة لمعالجة المياه يساهم أيضاً في انتشار الأوبئة“.

من جهته، يؤكد مصدر مطلع على إنتاج المياه في السودان وطلب عدم الكشف عن هويته قائلا:

من الصعب جدا الحصول (على مادة الكلور) بسبب ضعف الميزانيات الحكومية ولكن أيضا لأن الأمر يتطلب توريد هذه المواد الكيميائية الخاصة جدا من خارج البلاد.

ويوضح نفس المصدر أيضا بأن برميلا يحتوي على طن من مادة الكلور على غرار ذلك الذي تم إلقاؤه بالقرب من مصفاة الجيلي للنفط في يوم 5 و 13 أيلول سبتمبر 2024، كان سيسمح بتوفير ما يقرب من 240 مليون لتر من الماء الصالح للشرب. وهو ما كان سيكفي لتوفير ماء لمدة ثلاثة أشهر ويغطي حاجيات حيوية لنحو مليون نازح عادوا إلى العاصمة الخرطوم منذ أن استعاد الجيش السوداني السيطرة على المدينة في يوم 26 آذار/ مارس 2025.

شركة الموانئ الهندسية، شركة مرتبطة بمجموعة خاضعة لعقوبات دولية

وفي ظل عدم توفر أي أدلة في تحقيقنا تسمح بالتأكد من أن هذه البراميل من مادة الكلور التي قامت شركة الموانئ الهندسية، بتوريدها كانت بالفعل موجهة لإنتاج الماء الصالح للشرب، حاول فريق التحرير رصد مزيد من المعلومات حول أنشطتها المختلفة.

من خلال زيارة موقعها الرسمي (فريق التحرير: الذي بات مغلقا اليوم إلا أن أرشيفه موجود في منصة لحفظ المواقع) نعلم بأن شركة الموانئ الهندسية، تنشط في “القطاع المنجمي” و”المعاملات في الموانئ” ولكن أيضا في أنشطة “التصدير والتوريد”. تم تأسيس هذه الشركة في “سنة 1998 بمساهمة من هيئة الموانئ البحرية، وهي هيئة تابعة لوزارة النقل السوداني مكلفة بالتصرف في موانئ البلاد ومن بينها ميناء بورت سودان.

في سنة 2014، دائما وفق الموقع الرسمي لهذه الشركة، فإن شركة الموانئ الهندسية دخلت أيضا في شراكة مع “مجموعة جياد الصناعية” وهي مجموعة شركات عامة سودانية عدد منها فرضت ضدها عقوبات في عدة مرات من قبل فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأيضا الاتحاد الأوروبي وذلك بسبب علاقتها مع القوات المسلحة السودانية التي تهدد “السلم والاستقرار في السودان” وفق فرنسا.

وبالتالي، فإن شركة الموانئ الهندسية مرتبطة بعدة شركات عامة سودانية، ولا سيما بمجموعة خاضعة لعقوبات دولية، مقربة من الجيش السوداني.

علاوة على ذلك، فإن المدير العام لهذه الشركة هو أنس يونس، وهو عقيد في الجيش السوداني، كما أكد ذلك العديد من المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك التصريحات الرسمية. وأظهرت صور على شبكات التواصل الاجتماعي هذا الشخص وهو يرتدي الزي العسكري، أو خلال عدة اجتماعات مع مسؤولين سودانيين.

تسمح معطيات تجارية سودانية وتركية وهندية وإندونيسية جمعتها منظمة

“سي فور إي دي إس” الأمريكية غير الحكومية المتخصصة في مكافحة الأنشطة الاقتصادية غير الشرعية بالذهاب أبعد من ذلك: إذ يكشف تحليل هذه البيانات أن شركة الموانئ الهندسية يبدو أنها معتادة على القيام بعمليات توريد ذات طابع عسكري.

وفق مقتطفات من سجل التوريد في السودان أرسلتها منظمة “سي فور إي دي إس” لفريق التحرير، فإن شركة الموانئ الهندسية قامت بجلب منتجات باستخدام باخرة في أوائل سنة 2024، منتجات مصنع ذخائر تركي ” شركة كارميتال karmetal “.

وتعرف تركيا بأنها تزود الجيش السوداني بالاسحلة في حربه ضد قوات الدعم السريع.

هل كانت هذه الشحنات التي وصلت عبر باخرة تحتوي على معدات عسكرية؟ في اتصال فريق التحرير، أكدت شركة كارميتال بأن الأمر يتعلق بـ”نوابض“ و”صناديق معدنية فارغة“ لا تحتوي على ”أي معدات عسكرية أو متفجرات أو ذخيرة أو صمامات تفجير أو مكونات مماثلة“.

كما تؤكد الشركة أيضا بأنها لم تقم ببيع مباشر لهذه المنتجات للسودان بل قامت ببيعها إلى زبون “في إحدى دول الخليج العربي” الذي قام بدوره بنقلها إلى هذا البلد الذي يشهد حرب أهلية. وتمكن فريق تحرير “مراقبون” من التأكد من هذه النقطة من خلال التواصل مع الشركة المعنية بهذا الأمر وهي “بوند تكنولوجي إف زد إي Bond Technologies FZE”.  كما تؤكد هذه الشركة أيضا بأنها قامت ببيع “نوابض وصناديق معدنية فارغة للسودان موجهة للاستخدام التجاري ولا علاقة لها أبدا بالمجال العسكري”.

إلا أن هذه المعطيات التي تم التوصل إليها في إطار هذا التحقيق تثير تساؤلات حول أقوال شركة “بوند تكنولوجي إف زد إي ” وشركة “كارميتال” التركية. في البلاد لأن قائمة الموارد التي تقوم شركة كارميتال بتصنيعها والمتاحة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي لا تضم أي مواد تستخدم فقط في المجال المدني. ويمكن أن نعثر في الموقع على المواد التي قامت شركة الموانئ الهندسية على الأرجح باستقدامها إلى السودان وهي “عبوات حديدية فارغة” وفق وصف شركة كارميتال في رسالتها عبر البريد الإلكتروني. توصف هذه العبوات بأنها موجهة لتخزين الذخائر .

أما في ما يتعلق بـ”النوابض” فإنه يمكن، وفق منظمة “سي فور إي دي إس” غير الحكومية الأمريكية، أن تكون في الحقيقة شرائط مخصصة لوضع ذخائر في أسلحة أوتوماتيكية.

ويقول محلل لدى منظمة “سي 4 إي دي إس” معلقا في هذا الصدد:

في المعطيات التجارية، فإن هذه السلع (النوابض، فريق التحرير)، مرتبطة بشفرة تشير إلى نوع المنتج: 731582. من الجدير الإشارة إلى أنه كل عمليات التصدير التي تقوم بها شركة كارميتال المرتبطة بهذه الشفرة في السجلات التركية تضمنت وصفًا للبضائع يشير إلى أنها شرائط مخصصة لحمل الذخيرة. وذلك باستثناء الشحنة الموجهة إلى (السودان)، التي يقول الوصف المتعلق بها بأن الأمر يتعلق بـ” نوابض”. وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن تكون هذه الشحنة قد احتوت على شيء آخر بخلاف النوابض الموجهة لاستقبال ذخائر، فإن هذه المعلومات تلقي بظلال من الشك على ادعاءاتهم.

.من جهتها، تنفي شركة “كارميتال” بشكل قاطع بأن السلع التي اشترتها شركة “بوند تكنولوجي إف زد إي”، والتي تم نقلها فيما بعد إلى السودان، كانت تحتوي على نوابض مخصصة للذخائر أو أي عتاد عسكري آخر. على الرغم من ذلك، فإنه يعد أمرا قانونيا أن تقوم شركة تركية ببيع عتاد عسكري للسودان إذا ما لم يتم استخدامه في إقليم دارفور: فهذه المنطقة التي تقع في غرب البلاد هي الوحيدة التي تخضع لحظر دولي لبيع الأسلحة بموجب قرار من الأمم المتحدة.

هل تم نقل 125 برميلاً من الكلور إلى السودان من قبل شركة الموانئ الهندسية في إطار أنشطتها كمستورد للمعدات العسكرية، لاستخدامها كأسلحة كيميائية؟ أم أنها كانت مخصصة لمشروع تنقية مياه الشرب، كما تؤكد الشركة الهندية التي قامت بتصديرها؟ في غياب رد من شركة الموانئ الهندسية والجيش السوداني، من المستحيل معرفة ذلك. ستقوم هيئة تحرير “مراقبون” بتحديث هذا المقال إذا وردت إليها معلومات إضافية.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد