متابعات دارفور : الجزيرة
حاول الجيش السوداني، الجمعة، صد هجمات قوات الدعم السريع بالقرب من ود مدني، وهي مدينة كبيرة في منطقة كانت في مأمن من القتال واستوعبت مئات الآلاف من المدنيين الفارين خلال ثمانية أشهر من الحرب.
وتهدد الاشتباكات في المنطقة التي تبعد نحو 170 كلم إلى الجنوب الشرقي من الخرطوم بفتح جبهة جديدة في صراع أدى إلى نزوح سبعة ملايين تقريبا وحوّل العاصمة إلى أنقاض وأثار موجات قتل بدوافع عرقية في دارفور.
وربما يتسبب الاستيلاء على ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وإحدى مراكز عمليات الإغاثة، في نزوح كبير وتعميق لأزمة إنسانية تحذر الأمم المتحدة من حدوث ظروف فيها تكون أشبه بالمجاعة في المناطق المتأثرة بشكل مباشر بالصراع.
وقالت الأمم المتحدة إن جميع المهام الإنسانية الميدانية في ولاية الجزيرة عُلّقت حتى إشعار آخر. وولاية الجزيرة منطقة زراعية مهمة.
وشارك البعض على وسائل التواصل الاجتماعي صورا لأشخاص يحزمون أمتعتهم وآخرين يسألون عن طرق آمنة للخروج من ود مدني التي يُقدّر عدد سكانها بنحو 700 ألف نسمة منهم أكثر من 270 ألفا بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وأفاد سكان في الخرطوم ومدن أخرى بارتكاب قوات الدعم السريع جرائم اغتصاب ونهب وقتل تعسفي واعتقال.
وتقول قوات الدعم السريع، مؤخرا باستيلائها على مدن رئيسية، إنها تحاول حماية المدنيين.
وذكرت في بيان، الجمعة، أنها تسعى إلى تدمير معاقل الجيش وأن المدنيين في ود مدني وولاية الجزيرة ينبغي أن يشعروا بالاطمئنان.
تجدد الإشتباكات
و أفادت لجان مقاومة مدني، مساء اليوم الجمعة بتجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شرق مدينة ود مدني بولاية الجزيرة.
وقالت لجان مقاومة مدني :”بعد هدوء دام لما يزيد عن ساعتين ، تجدد سماع أصوات الاشتباكات شرق المدينة”.
ونوهت لجان مقاومة مدني، المواطنين بأخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج للشوارع التى بها اشتباكات وذلك حفاظاً على سلامتهم ، و دعت لجان مقاومة مدني من الجميع عدم الالتفات للشائعات و عدم تداول الأخبار غير الصحيحة .
إغلاق السوق
و بالتزامن مع اغلاق كبري حنتوب الذي يربط قرى شرق مدينة ود مدني بقلب المدينة بولاية الجزيرة ومع سماع ودوي الإشتباكات أغلق عدد من التجار محلاتهم بسوق ود مدني الرئيسي، اليوم الجمعة
وجاء ذلك بعد سماع أصوات تبادل إطلاق النار، حيث تدور معركة في مناطق الشرفة بركات وأبو حراز.
وأنتشرت الشرطة بمدينة ود مدني تحسباً لعمليات النهب التي قد تطول المحال التجارية بالسوق الكبير ودمدني، مع التوترات على تخوم المدينة شرقا .
فيما سارعت العديد من الأسر و الأفراد إلى مغادرة المدينة خاصة صوب ولاية سنار و مدينة المناقل غربي الجزيرة وارتفعت تذكرة المواصلات من مدني إلى سنار من 13 ألف جنيه إلى 50 ألفاً.
حظر تجوال
و اصدر والي ولاية الجزيرة المُكلف الطاهر إبراهيم الخير، مساء اليوم الجمعة أمر طوارئ بحظر التجوال داخل ولاية الجزيرة.
و وفقاً للقرار يحظر التجوال للأشخاص والمركبات إعتباراً من الساعة 6 مساء حتى السادسة صباحاً و تحظر كافة التجمعات مع إغلاق كافة المحال التجارية إعتباراً من الساعة 6 مساء إلى 6 صباحاً .
و يستثني من هذا الأمر الجهات الكوادر الصحية و عربات الإسعاف و سلطات القوات المسلحة والنيابة.
و أوضحت حكومة ولاية الحزيرة أنه في إطار إنفاذ هذا الأمر تفوض القوات النظامية والنيابة بالعمل على تطبيق وإنفاذ هذا الأمر و الحجز على وسائل النقل التى يشتبه بها موضوع مخالفة هذا الأمر وذلك حتى إكتمال التحري والمحاكمة وحظر أو تنظيم حركة الأشخاص أو نشاطهم وحركة الأشياء ووسائل النقل داخل دائرة الاختصاص.
ونوهت إلى أن العقوبات تشمل السجن لمدة لا تتجاوز 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز مليون جنيه وفى حالة عدم السداد السجن لمدة شهر في حالة تكرار الفعل المحظور للمرة الثانية تتضاعف العقوبة .
تطبيق حظر التجول
و بحسب مصادر شرعت قوات الشرطة بمدينة ود مدني في منع التجمعات بالقوة و أخلت الميادين التي تنشط فيها البائعة و أغلقت المتاجر بالقوة .
و اعتقلت القوات الخاصة و هيئة العمليات في حي الزمالك أشخاص يشتبه في انتمائهم للدعم السريع، فيما انتشرت عناصر من الجيش في نهر النيل الأزرق عبر زوارق على امتداد الشريط النيلي للمدينة بالتزامن مع عمليات تمشيط برية واسعة وانتشار لسيارات الشرطة في الأحياء.
مستودعات وقود
وقال شهود عيان إن جنود قوات الدعم السريع وصلوا إلى أم عليلة التي تبعد 15 كلم عن ود مدني، لكن الجيش أقام جسرا يفصل المنطقتين وشوهدت طائراته تحلق في الأجواء. وذكر شهود في ود مدني أنهم سمعوا دوي انفجارات دون وقوع قتال داخل المدينة.
وتوجد ببلدة أم عليلة مستودعات وقود يمكن أن تساعد قوات الدعم السريع في حملتها ، وذكر مصدر بالجيش السوداني أن سلاح الجو والمدفعية كبّدا قوات الدعم السريع خسائر فادحة ومنعا توغلا نحو المدينة.
نزوح جديد
وقال سكان في حي الدباغة بمدينة ود مدني إن الجيش طلب منهم إخلاء منازلهم، وأعرب البعض عن شعوره بخوف شديد بعد اقتراب قوات الدعم السريع من المدينة.
و بدأ الكثير من السكان في مغادرة ود مدني صباح اليوم مع سماع أصوات انفجارات قوية وتبادل إطلاق النار في تخوم المدينة من الناحية الشرقية.
من جهته، علق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان عمل بعثاته الإنسانية الميدانية في ولاية الجزيرة على خلفية اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش والدعم السريع على تخوم مدينة ود مدني عاصمة الولاية، وفق ما ذكره المكتب في بيان عبر منصة اكس .
واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم، في 15 أبريل. وتشارك الطرفان السلطة مع المدنيين عقب انتفاضة شعبية، في عام 2019، ثم استحوذا عليها بعد انقلاب، في عام 2021، حتى اختلفا أخيرا بسبب خطط تتعلق بانتقال سياسي جديد.
ولم تثمر حتى الآن محاولات تحظى بدعم دولي للتوسط بين الطرفين اللذين يقولان إن بوسعهما تحقيق انتصار تام.
وتقول الأمم المتحدة إن ما يزيد على 12 ألفا قُتلوا، إلا أن خبراء يقولون إنه من المرجح أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن قرابة 1.5 مليون فروا من السودان فيما نزح أكثر من 5.4 مليون داخليا، مما يجعل السودان البلد الذي يحوي أكبر عددا من النازحين في العالم.
وفر نحو 500 ألف من إجمالي النازحين إلى ولاية الجزيرة، بما في ذلك نحو 86400 في ود مدني.
و منذ إندلاع الحرب بين الجيش و الدعم السريع في العاصمة الخرطوم في منتصف أبريل الماضي شكّلت مدينة ود مدني ملاذًا آمنًا لآلاف النازحين جراء النزاع الذي دخل شهره التاسع، وتضم المدينة الواقعة وسط السودان اكبر عدد من النازحين في البلاد مقارنة بولايات السودان الأخرى و نزح إليها نصف مليون شخص وفق أرقام الأمم المتحدة.