متابعات دارفور: الجزيرة
قال جعفر محمدين، الناطق الرسمي باسم مركزية الكنابي، إن الانتهاكات التي تعرّض لها سكان مناطق الكنابي بولاية الجزيرة وسط السودان ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق ما خلص إليه التحقيق الاستقصائي الأخير الذي نشرته شبكة «سي إن إن».
وأوضح محمدين، أن التحقيق كشف عن نمط ممنهج من الانتهاكات الجسيمة، شمل عمليات قتل وحشية، واعتداءات مباشرة على المدنيين، إضافة إلى التدمير المتعمد لسبل عيش العمال الزراعيين في مناطق الكنابي. وأشار إلى أن هذه الانتهاكات نُفذت – بحسب ما وثقته الأدلة – بواسطة مليشيات تعمل تحت قيادة الجيش السوداني.
وأضاف أن التحقيق، المدعوم بشهادات ميدانية وأدلة بصرية وتقارير من منظمات حقوقية دولية، يفنّد محاولات إنكار أو تبرير ما جرى، ويؤكد أن الانتهاكات تمثل خرقًا فاضحًا للقانون الإنساني الدولي، وتندرج ضمن الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
وأكد محمدين أن العمال الزراعيين والنازحين في مناطق الكنابي ظلوا يتعرضون لسياسات ممنهجة تهدف إلى الإقصاء والتجريد من الأرض ووسائل الإنتاج، معتبرًا أن هذه الممارسات تأتي ضمن استهداف أوسع لفئات اجتماعية لعبت دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد السوداني لعقود.
وأشار إلى أن مركزية الكنابي شرعت في اتخاذ خطوات قانونية لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، موضحًا أن العمل جارٍ لإعداد ملف قانوني متكامل يستند إلى التحقيق الأخير وأدلة إضافية موثقة، تمهيدًا لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الآليات الدولية المختصة.
وشدد الناطق باسم مركزية الكنابي على أن تحقيق العدالة لضحايا الكنابي أولوية لا تقبل المساومة، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تكثيف الضغط لوقف الانتهاكات، ووضع حد لسياسات الإفلات من العقاب، وضمان عدم تكرار هذه الجرائم بحق المدنيين.
وكان تحقيق استقصائي مشترك نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية ومركز «لايت هاوس ريبورتس» يوم الثلاثاء، قد كشف أن الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه استغلوا العملية العسكرية التي نُفذت لاستعادة مدينة ود مدني ومحيطها بولاية الجزيرة مطلع العام الجاري، كغطاء لشن حملة إبادة عرقية بحق المدنيين، بدأت في أكتوبر 2024 واستمرت لعدة أشهر.
ويضم التحقيق نحو 600 مادة بصرية، جرى ربطها بمواقع جغرافية وشهادات شهود عيان، إلى جانب الاستناد إلى صور أقمار صناعية، وبيانات حرائق، وتحليل الظلال، وتقارير إعلامية محلية، وبيانات صادرة عن منظمات مجتمع مدني ومراكز حقوقية.
ووفق التحقيق، تم توثيق 59 هجومًا على أكواخ المدنيين بين أكتوبر 2024 ومايو 2025، إضافة إلى الإبلاغ عن 87 هجومًا آخر استنادًا إلى إفادات شهود. كما جرى التحقق من عشرات مقاطع الفيديو، التي شملت مجزرة جسر الشرطة، وهجمات على المدنيين، وعمليات حرق متعمد، ومقابر جماعية. وأكدت الشبكة الأميركية أنها تواصلت مع الجيش السوداني للتعليق على هذه الاتهامات، لكنها لم تتلقَّ أي رد.
وفي السياق ذاته، وصف أحد أعضاء بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان ما قامت به القوات المسلحة السودانية في المنطقة بأنه «إبادة جماعية ممنهجة»، قد ترقى إلى «تطهير عرقي»، ما يشكل جريمة حرب محتملة.








