متابعات دارفور: وكالات
كشفت صحيفتا نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال عن مقاطع فيديو وشهادات من مدينة الفاشر السودانية تكشف حجم العنف والإعدامات الجماعية التي نفذتها قوات الدعم السريع بعد السيطرة على المدينة نهاية الأسبوع الماضي.
تعود دارفور مجددًا إلى دائرة العنف والفوضى بعد عشرين عامًا من الصراع السابق، حيث أسفر سقوط الفاشر عن مئات القتلى، فيما نزح آلاف المدنيين إلى المناطق المجاورة وسط ظروف مأساوية.
ووثقت المقاطع مقتل المدنيين أثناء محاولتهم الفرار عبر الحقول، فيما يظهر آخرون مقتولين أو محتجزين بشكل تعسفي، مع تكدس الجثث على الطرق. وأفادت منظمات إنسانية بأن نحو 5 آلاف شخص فقط تمكنوا من الوصول إلى مدينة طويلة، على بعد 40 ميلاً غرب الفاشر، بعد تعرضهم للتفتيش والاحتجاز المتكرر، وفصل الرجال عن النساء أثناء النزوح.
وصفت الصحف هذا العنف بأنه منحدر جديد نحو الإبادة الجماعية، حيث يواجه المدنيون عمليات تصفية ممنهجة، استهدافًا للرجال والأولاد، وتهجيرًا قسريًا لما يقارب نصف مليون شخص من المدينة.
وأظهرت مقاطع الفيديو عمليات إطلاق نار على المدنيين العزل، والاعتداء على العاملين في المجال الصحي، مع قتل 460 شخصًا داخل مستشفى الولادة السعودي، وفقًا لشهادة منظمة الصحة العالمية. كما وثقت الصحيفة حالات اغتصاب ونهب للممتلكات، وسط حالة رعب واسعة النطاق بين السكان.
ذكرت وول ستريت جورنال أن قوات الدعم السريع استخدمت طائرات مسيرة متطورة وفرق إعدام للسيطرة على السكان، وأنشأت حكومة موازية لتثبيت سلطتها على المدينة، فيما فرضت حصارًا محكمًا على المدنيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن معظم ضحايا دارفور اليوم معرضون للمجاعة والأمراض بسبب الحصار، مع استمرار انتشار النزوح الجماعي إلى المخيمات المكتظة، حيث يعاني الناجون من نقص الغذاء والماء والرعاية الصحية.
رغم إدانات الأمم المتحدة والدول الغربية، رأت نيويورك تايمز أن الرد العالمي أقل وضوحًا وتأثيرًا مقارنة بما حدث قبل عقدين، في حين يستمر الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع، ما يفاقم مأساة المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن الجيش السوداني انسحب من المدينة لحماية المدنيين، لكنه تعهد بمواصلة القتال ضد الميليشيات، بينما يطالب الخبراء بفتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة المسؤولين عن المجازر.
وحذر خبراء حقوق الإنسان من أن الأحداث في الفاشر قابلة للمقارنة بالإبادة الجماعية في رواندا 1994، مع تكرار أنماط الاستهداف الممنهج للمدنيين، واستخدام العنف المفرط لفرض السيطرة على السكان المدنيين.
وأكدت الصحف أن الفاشر اليوم رمز للمأساة الإنسانية الكبرى في السودان، مع نزوح نحو 12 مليون شخص ومقتل نحو 400 ألف وفق تقديرات مختلفة، وسط عجز دولي واضح عن حماية المدنيين أو وقف القتل الجماعي.








