الأمم المتحدة: تقارير مروعة عن إعدامات وانتهاكات خطيرة من قوات الدعم السريع في الفاشر وكردفان

متابعات دارفور: وكالات

يتلقى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقارير متعددة ومقلقة تفيد بأن قوات الدعم السريع تنفذ فظائع، بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من مدينة الفاشر المحاصرة في شمال دارفور ومدينة بارا بولاية شمال كردفان خلال الأيام الأخيرة.

و أعرب فولكر تورك، المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقه العميق إزاء الوضع الإنساني المتدهور في مدينة الفاشر بشمال دارفور، عقب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني يوم أمس الأحد.

وفي بيان صدر اليوم الاثنين، حذر تورك من أن الوضع في الفاشر يزداد خطورة يوماً بعد يوم، مع تصاعد خطر وقوع انتهاكات وجرائم واسعة النطاق بدوافع قبلية، داعياً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لضمان حماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للراغبين في مغادرة المدينة نحو مناطق أكثر أمناً.


تصاعد التحذيرات الدولية من التدخلات الخارجية

بدوره، وصف أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر بأنها “تصعيد مروع للنزاع”، مشدداً على أن الوقت قد حان لكي يتحدث المجتمع الدولي بوضوح مع الدول المتدخلة في الحرب والتي تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة، داعياً تلك الدول إلى وقف تدخلاتها فوراً.

وخلال حديثه في قمة الآسيان بماليزيا، أشار غوتيريش إلى أن المشكلة لا تقتصر على القتال الداخلي بين الجيش والدعم السريع، بل تتفاقم بسبب التورط الخارجي المتزايد الذي يقوض فرص وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي دائم.


عمليات إعدام ميدانية بدوافع قبلية

ذكر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه تلقى تقارير مقلقة حول إعدامات بإجراءات موجزة استهدفت مدنيين حاولوا الفرار من الفاشر، مع مؤشرات على دوافع قبلية وراء تلك الجرائم. كما وردت معلومات عن قتل أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال القتالية.

وأظهرت مقاطع فيديو، حصل عليها المكتب، عشرات الرجال العُزّل يتعرضون لإطلاق نار مباشر، أو تظهر جثثهم على الأرض وسط مقاتلين من قوات الدعم السريع، يتهمونهم بالانتماء للقوات المسلحة السودانية.

كما تم احتجاز مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الفرار، من بينهم صحفيون ومتطوعون محليون. وأشار المكتب إلى احتمال كبير لوقوع عنف جنسي ضد النساء والفتيات، استناداً إلى أنماط سابقة من الانتهاكات في شمال دارفور.

وخلال الفترة من 22 إلى 26 أكتوبر الجاري، أدى القصف المدفعي العنيف إلى مقتل العديد من المدنيين، بمن فيهم متطوعون في العمل الإنساني، في ظل صعوبة تقدير عدد الضحايا نتيجة انقطاع الاتصالات والنزوح الجماعي.

وفي ظل نقص الغذاء الحاد وارتفاع الأسعار، وثق المكتب حادثة إعدام خمسة رجال بإجراءات موجزة على يد مقاتلي الدعم السريع لمحاولتهم إدخال مساعدات غذائية إلى المدينة المحاصرة منذ 18 شهراً.


عمليات إعدام في مدينة بارا بشمال كردفان

كما تلقى مكتب حقوق الإنسان تقارير عن إعدامات مشابهة في مدينة بارا بولاية شمال كردفان، عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليها في 25 أكتوبر، حيث أُعدم عشرات المدنيين بتهمة دعم الجيش السوداني.

وأكد فولكر تورك أن على قوات الدعم السريع اتخاذ خطوات عاجلة وملموسة لوقف الانتهاكات ضد المدنيين في الفاشر وبارا، بما في ذلك العنف الانتقامي والقبلي، مذكراً قادة القوات بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني بحماية المدنيين وضمان مرور الإمدادات والمساعدات الإنسانية.

وأضاف أن استخدام التجويع كسلاح حرب محظور تماماً، داعياً الدول ذات النفوذ إلى التحرك الفوري لمنع ارتكاب فظائع جديدة، ومشدداً على ضرورة المساءلة القانونية عن جميع الانتهاكات لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.


الأمم المتحدة تجدد دعوتها للسماح بخروج المدنيين

من جانبها، جددت الأمم المتحدة مطالبتها لقوات الدعم السريع بالسماح للمدنيين الفارين من الفاشر بالمغادرة الآمنة، خصوصاً مع تصاعد حدة القتال خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

وفي مؤتمر صحفي عبر الفيديو من نيويورك، قالت دينيس براون، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، إن الفارين يواجهون خطر القتل أو الإصابة أثناء محاولتهم الخروج من المدينة، مشيرة إلى أن نحو 200 شخص وصلوا إلى منطقة طويلة على بعد 50 كيلومتراً من الفاشر، بعد رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر.

وأضافت براون أن الطرق المؤدية إلى مناطق النزوح غير آمنة، حيث تنتشر ميليشيات تفرض فِدية على المدنيين مقابل المرور. ووصفت أوضاع الواصلين الجدد بأنها مأساوية، إذ يعانون من الجفاف وسوء التغذية والإصابات، إلى جانب الصدمة النفسية.

وتطرقت إلى تقارير مكتب حقوق الإنسان حول إعدامات ميدانية لمدنيين عُزّل في الفاشر، مؤكدة أن الأمم المتحدة تجري حواراً مع الأطراف المتحاربة لكنها لم تحصل بعد على ضمانات للمرور الآمن.

وقالت إن أكثر من 128 عاملاً إنسانياً قُتلوا منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، داعية جميع الأطراف إلى توفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني الذين يشكلون، بحسب قولها، “العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في السودان”.


استخدام التجويع كسلاح حرب

حذرت براون من أن منع وصول المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء، يمثل استخداماً للتجويع كسلاح حرب، وهو أمر محظور دولياً. وأوضحت أن المدنيين يغامرون بحياتهم لعبور الطرق الخطرة لأن قوات الدعم السريع لا تقدم ضمانات أمنية.

كما أعربت عن قلقها إزاء تجدد القتال في كردفان، خصوصاً في مدينة بارا، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تأمل في إرسال قافلة إنسانية كبيرة إلى المنطقة خلال الأيام القادمة.


الأمم المتحدة على استعداد لإدخال المساعدات

أكدت براون أن الأمم المتحدة جاهزة فوراً لإدخال المساعدات إلى الفاشر متى ما تم السماح لها بالدخول. وقالت:

“لدينا 42 شاحنة جاهزة ومحملة بالإمدادات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والأدوية وحقائب النظافة ومواد الإيواء، منذ شهر يوليو الماضي، بانتظار الإذن للوصول إلى المدينة”.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد