3384 مدني في ستة أشهر: تقرير أممي يوثق موجة غير مسبوقة من القتل والانتهاكات في السودان

متابعات دارفور: السودان

وثّقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تقرير صدر اليوم الجمعة مقتل ما لا يقل عن 3,384 مدنيًا منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية يونيو، معظمهم في إقليم دارفور، تليها مناطق كردفان ثم الخرطوم. ويمثل هذا الرقم وحده نحو 80% من مجموع المدنيين الذين جرى توثيق مقتلهم خلال عام 2024 بأكمله، بينما تشير تقديرات المفوضية إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.

وأوضح التقرير أن أطراف النزاع واصلت شنّ هجمات على مناطق مكتظة بالسكان مستخدمة القصف المدفعي، الغارات الجوية والطائرات المسيّرة، الأمر الذي تسبب في إصابات جماعية وخسائر بشرية هائلة. كما أشار إلى أن ما لا يقل عن 990 مدنيًا قتلوا خارج نطاق الأعمال القتالية عبر الإعدامات الموجزة، وهي حصيلة ارتفعت ثلاثة أضعاف بين فبراير وأبريل نتيجة حملات انتقامية شنّتها القوات المسلحة السودانية ومجموعات متحالفة معها في الخرطوم عقب استعادة مواقع من قوات الدعم السريع، في حين نفذت الأخيرة إعدامات مماثلة مع تضييق الخناق على مواقعها.

التقرير لم يقتصر على القتل المباشر، بل أكد أن هناك أنماطًا متكررة من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، يُستخدم كسلاح حرب ضمن هجمات أوسع تخللتها انتهاكات جسيمة، إضافة إلى انتشار الاعتقال التعسفي الذي استهدف في الغالب أشخاصًا اتُّهموا بالتعاون مع الطرف الآخر.

المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك وصف الحرب في السودان بأنها “صراع منسي”، معبّرًا عن أمله أن يسلط التقرير الضوء على “الوضع الكارثي حيث تُرتكب فظائع من بينها جرائم حرب”. وأكد أن الإفلات من العقاب لا يزال يغذي دوامات الانتهاكات، مشددًا على ضرورة محاسبة المسؤولين وإنهاء العنف بجميع أشكاله.

كما حذّر تورك من خطورة تزايد خطاب الكراهية والتنميط الإثني المبني على التمييز وعدم المساواة المزمنين، معتبرًا أنه يشكل تهديدًا جديًا للاستقرار والتماسك الاجتماعي على المدى الطويل داخل السودان. ودعا الدول إلى استخدام نفوذها لوقف الصراع الذي تحوّل إلى “أزمة حماية واسعة ومقلقة”، مؤكدًا أن “أرواحًا كثيرة ستزهق إن لم يحدث تحرك عاجل لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية سريعًا وبدون عوائق”.

وإلى جانب الضحايا المدنيين، وثّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 30 عاملًا إنسانيًا خلال الأشهر الستة الأولى من العام، بينهم من استُهدفوا بشكل مباشر، في ظل استمرار الهجمات على المرافق الصحية والأسواق والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك شبكات الطاقة ومصادر المياه.

وأكدت المفوضية أن النزاع أفضى إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه نحو 24.6 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي مع تزايد خطر المجاعة، فيما يفتقر 19 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، بينما يستمر تفشي وباء الكوليرا في مناطق متفرقة.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد