متابعات دارفور : السودان
أصدرت سلطة الطيران المدني السوداني نشرة طيارين (نوتام) عبر المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للطيران المدني بالقاهرة، بفتح المسار الشرقي أمام حركة عبور الطيران، اعتبارا من يوم غد الأربعاء الموافق 31 يوليو الحالي بحسب صحيفة السوداني.
ويأتي ذلك بعد مضي أكثر من 15 شهرا على صدور قرار إغلاق المجال الجوي السوداني بالكامل صبيحة اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. وكان مطار الخرطوم، حيث مقر هيئة الطيران المدني ومركز مراقبة الملاحة الجوية، هو من أول موقع عرض للهجوم من قبل قوات الدعم السريع ضمنها استهدافها لمقر قيادة القوات المسلحة ورئاسة جهاز الأمن وقاعدة الخرطوم الجوية وحي المطار حيث مساكن كبار ضباط الجيش والتي تجاور مطار الخرطوم.
واستثنت سلطات الطيران المدني من قرار إغلاق المجال الجوي رحلات الإجلاء الجوي والرحلات الإنسانية.
إشعارات البعثات الجوية
قرار حكومة بورتسودان صدر عبر نشرة طيارين موجهة للمنظمة الدولية للطيران المدني بواسطة مكتبها الإقليمي في العاصمة المصرية، القاهرة.
وتعرف هذه النشرة رسميا باسم “إشعارات البعثات الجوية” Notice To Airmission (NOTAMs) وهي رسائل تنشرها وكالات مراقبة الحركة الجوية الحكومية لإبلاغ الطيارين بالتطورات في أوضاع الملاحة الجوية وبنياتها التحتية والمناطق المحيطة بها.
وبجانب التحذير من الأخطار، تستخدم هذه النشران في تحديد المناطق المحظور التحليق فوقها بشكل مؤقت وكذلك في حالات رفع قرارات الإغلاق الكلي أو الجزئي للمجال الجوي للدول.
قانونيا، ترتكز إجراءات في التحكم في المجال الجوي على الاتفاقية الدولية للطيران المدني. وتعترف هذه الاتفاقية بالسيادة الكاملة للدول على مجالها الجوي وبالتالي لا يجوز لأي خطوط جوية القيام بنقل الركاب والبضائع والبريد عبر المجال الجوي لدولة أخرى أو الهبوط على أراضيها إلا بإذن خاص من الدولة المعنية وفقا للاتفاقية الدولية لمنظمة للطيران الدولي المدني.
مسارات طيران آمنة
ويعني القرار فتح أجواء ولايات شرق السودان الثلاث (البحر الأحمر، كسلا والقضارف) أمام حركة الملاحة الجوية عبر نقطة الدخول في حلايب وصولا إلى بورتسودان وطوكر.
ويعني القرار توفير مسار جوي مختصر وآمن للرحلات الجوية القادمة من أوربا والمتجهة إلى دول شرق أفريقيا وبعض الجزر في المحيط الهندي.
ويتم تحديد المسارات الجوية بالتشاور مع الدول المجاورة للسودان، مع العلم أنه وحتى اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي كان مركز إدارة الملاحة الجوية في مطار الخرطوم هو الذي يتولى إدارة الحركة الجوية لدولة جنوب السودان التي لم تكن تمتلك التجهيزات الكافية لأداء هذه المهمة.
ومن المهم الإشارة إلى أن مطار بورتسودان سيكون المركز البديل لإدارة المجال الجوي السوداني ما يعطي المطار أهمية إضافية في الوقت الحاضر وحتى في المستقبل حيث من غير المستبعد أن يفقد المطار دوره الجديد بعد نهاية الحرب.
أكثر من 100 رحلة يوميا
في الأحوال العادية وحتى العام 2016، لم يكن عدد الرحلات الجوية التي تعبر الأجواء السودانية يتجاوز 70 رحلة في أفضل الأحوال.
لكن في العام 2017 فتحت سلطات الطيران المدني السودانية ثلاث مسارات جوية جديدة لمقابلة الزيادة الكبيرة في حركة النقل الجوي في منطقة الشرق الأوسط، والتي تعتبر الأكثر نموا في العالم.
وسمح ذلك بزيادة عدد الرحلات التي تعبر المجال الجوي إلى ما بين 150 إلى 200 رحلة يوميا الأمر الذي ساعد في خفض مدة الرحلات وتخفيض تكلفة نقل الركاب والبضائع بنسب معتبرة جدا.
ولزيادة القدرة على إدارة الحركة الجوية وتقليل تأخير رحلات الطيران، أكملت سلطات الطيران المدني في العام 2020 مشروع تركيب 6 رادارات ملاحة حديثة في كل من الخرطوم، دنقلا، الدمازين، الفاشر، الجنينة، نيالا، وبورتسودان وربطها بمركز الملاحة الجوية.
ويتوقع أن يسمح إعادة فتح المسارات الجوية في شرق السودان بعبور حوالي 100 رحلة طيران يوميا تربط ما بين أوربا ودول شرق أفريقيا بعد أن اضطرت هذه الطائرات طوال الفترة الماضية لتفادي العبور فوق الأجواء السودانية والدخول عبر مسارين.
المسار الأول من الجنوب عبر أراضي جنوب السودان ثم تشاد ومن بعد ذلك إلى أوربا عبر أي من منافذ في شمال أفريقيا إلى القارة الأوربية حسب وجهتها النهائية ويزيد ذلك زمن الرحلات بما بين ساعة وساعتين حسب بلد المنشأ.
مسار آخر يمر عبر اثيوبيا واريتريا ومن ثم يعبر البحر الأحمر ليحلق بموازاة الأراضي السعودية ومن ثم يعبر البحر الأحمر نحو الأراضي المصرية ويواصل الرحلة عبر المسار التقليدي وهو أمر يزيد زمن الحلة بحوالي ساعة إضافية بغض النظر عن بلد المنشأ.
عائدات مالية ضخمة
توفر إدارة المجال الجوي مصدر مالي كبير لأي دولة بما فيها السودان. فبالرغم من محدودية رحلات الطيران المدني القادمة والمغادرة للسودان مقارنة بالدول المجاورة مثل مصر وأثيوبيا والسعودية وكينيا، لكن تظل حركة الطائرات العابرة للمجال الجوي مصدر دخل كبير وبالعملات الصعبة.
ونذكر هنا بأنه وفي أعقاب سقوط نظام الفريق عمر البشير، اتضح أن كل عائدات رسوم عبور المجال الجوي والخدمات التي تقدمها هيئة الطيران المدني لحركة الطيران كانت توجه إلى حساب مصرفي خاص في جنيف، وبعيدا عن رقابة وزارة المالية، ليتم الصرف عليه من قبل أشخاص مقربين من رئاسة الجمهورية وإنفاقها في مجالات غير معروفة وفي غياب كامل للشفافية والرقابة.
وتقدر أوساط اقتصادية سودانية مجمل عائدات هيئة الطيران المدني بحوالي 160 مليون دولار سنويا، لكن غياب الشفافية في إدارة مداخيلها ووضعها تحت سلطات وزارة الدفاع يدفع البعض للتشكيك في هذا المبلغ المتواضع. ويقدر البعض العائدات الحقيقية بما يقارب 800 مليون دولار سنويا دون أن يكون متاحا التحقق من أي منهما. ويجدر الإشارة إلى أن المنظمة الدولية للطيران المدني تحفز على تخصيص 15% من عائدات الطيران المدني لتطوير البنيات التحتية.
كيف تحسب رسوم العبور
وتحسب رسوم العبور بالدولار الأمريكي من نقطة الدخول المحددة دوليا إلى نقطة الخروج حسب وزن الطائرة والمسافة التي تقطعها داخل المجال الجوي للدولة المعنية. وتتراوح رسوم العبور في السودان ما بين 130 دولار و 235 دولار، فيما تلجأ دول لتحديد رسم ثابت لعبور الطائرات يبلغ 60 دولار بالنظر للعدد الهائل من الرحلات الجوية التي تعبر أرضيها، فيما تتراوح الرسوم في لبنان ما بين 50 و 100 دولار حسب وزن الطائرة.
ويتم الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت مسافة الطيران فوق اليابسة أو فوق البحر وتحسب المسافات بالميل البحري حيث لا يستخدم الكيلومتر في حساب المسافة التي تقطعها الطائرات. وترسل الفواتير مباشرة من سلطة الطيران المدني إلى الشركة المسجلة باسمها الطائرة وإن تعذر ذلك فيتم تسجيل تلك الفواتير ضمن فاتورة تعبئة الوقود.
سلطة الطيران المدني
هي الهيئة المكلفة بموجب القانون بإدارة المجال الجوي والمطارات السودانية، وتعتبر من أقدم الهيئات الحكومية حيث تأسست أبان الحكم الاستعماري في العام 1936.
وكانت تبعيتها في ذلك الوقت للحاكم العام مباشرة وانيط بواحدة من الشركات البريطانية إداراتها.
وعقب استقلال السودان، تأسست مصلحة الطيران المدني كمصلحة تابعة لوزارة النقل والمواصلات ومن ثم أعلن السودان انضمامها للمنظمة الدولية للطيران المدني ICAO في العام 1961 بعد صدور قانون الطيران المدني وتتبيع المصلحة لوزارة الدفاع.
في العام 1985، وبعد انتصار انتفاضة أبريل 1985، صدر قرار بتحويل المصلحة إلى هيئة مدنية تحت رعاية وزارة الدفاع واستمر هذا الوضع حتى العام 1995 تاريخ إنشاء وزارة الطيران وصدور قرار بتبعية هيئة الطيران المدني والخطوط الجوية السودانية وهيئة الأرصاد الجوي لسلطة الوزارة الجديدة.
وبعد ذلك بسنوات، أعاد نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، تنظيم هذا القطاع عبر إعادة إشراف وزارة الدفاع على هيئة الطيران المدني التي حددت مسؤولياتها في عمليات الطيران والسلامة الجوية وأحيلت صلاحيات إدارة المطارات لشركة قابضة تتبع لوزارة الدفاع وتشرف على ثلاث شركات متخصصة: شركة مطار الخرطوم، شركة المطارات الولائية وشركة هندسة المطارات.