متابعات دارفور : جنيف
أنهى فريق الأمم المتحدة اليوم الجمعة محادثات غير مباشرة مع وفد الحكومة القائمة في مدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة شرق البلاد ووفد قوات الدعم السريع في جنيف بعد عشرة جولات منفصلة مع كل طرف.
وقالت مصادر دبلوماسية أن المحادثات لم تحقق الاختراق المطلوب ووصلت الأمم المتحدة إلى طريق مسدود.
وانطلقت المباحثات غير المباشرة برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان العمامرة في 11 يوليو الجاري فيما أصدر الوفد الحكومي بياناً في الأول اليوم لجولة المحادثات معلنا احتجاجه على تعدد المنابر وتمسكه بمنبر جدة
التمسك بالخرطوم
كشف مصدر مقرب من المفاوضات في جنيف متابعات دارفور رفض وفد الحكومة التعامل مع سيطرة الدعم السريع على بعض الولايات السودانية كما شدد الوفد على عدم السماح لقوات الدعم السريع بصلاحية واسعة في توزيع الإغاثة أو حمايتها وبرر الوفد الحكومي رفضه بأن هذا العمل ضد مبدأ سيادة البلاد؛ لأن الجيش السوداني هو الممثل الشرعي للدولة وعليه مسؤولية حماية جميع الولايات بما في ذلك الولايات التي تتواجد فيها الدعم السريع.
وأوضح المصدر، أن وفد الحكومة طالب بوضع الجيش كأولوية في عملية توزيع الإغاثة في العاصمة الخرطوم لأن القوات المسلحة السودانية استردت رقعة جغرافية واسعة في أم درمان وبعض مناطق الخرطوم والخرطوم بحري.
وأردف المصدر: “فريق الأمم المتحدة المفاوض أبلغ وفد الحكومة أن الأمم المتحدة تتعامل مع الطرفين المتحاربين في السودان على أنهما غير شرعيين منذ الانقلاب على الحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021 بالتالي تنطبق عليها صفة (سلطة أمر واقع) كل طرف في منطقته”.
ويقول المصدر، إن ممثلي الأمم المتحدة أبلغوا أيضا وفد الحكومة أن محادثات جنيف تأتي بناءاً على قرارات مجلس الأمن الدولي بالرقم 2724 و 2736 والمتعلق بحماية المدنيين وتوصيل الإغاثة بالتالي يجب النقاش والرد والاقتراح والرفض والقبول ضمن نطاق هذين القرارين الصادرين من مجلس الأمن والمتعلقين بحماية المدنيين وتوصيل الإغاثة وإطعام الملايين.
تلويح بالتدخل الدولي
وأكمل المصدر: “أبلغ ممثلو الأمم المتحدة وفد الحكومة أن المنظمة الدولية الأممية لديها الحق في ضمان حقوق المدنيين الأساسية في الطعام والشراب وحق الحياة والأمان وأن الاعتراض على هذه الحقوق بأسباب لا علاقة لها بالواقع سيحرم الملايين من حقوقهم”.
وأضاف المصدر: “فريق الأمم المتحدة أبدى دهشته حيال تعنت وفد الحكومة وعدم تحمله المسؤولية في موضوع إغاثة المدنيين”.
في ذات الوقت أبلغ وسطاء الأمم المتحدة وفدي الحكومة والدعم السريع أن الانتهاكات التي أُرتكبت خلال الحرب بحق المدنيين لا يمكن الإفلات منها ويجب محاسبة الجناة.
الدعم السريع يعترف
وكشف مصدر، عن تلقي وفد الدعم السريع تقارير من وسطاء الأمم المتحدة حول الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق المدنيين خلال الحرب وأقر الوفد بحدوثها ووعد بمحاسبة المتورطين فيها وإصلاح سجل حقوق الإنسان.
وتابع المصدر قائلاً: “تلقى وفد الحكومة تقريراً رسمياً من ممثلي الأمم المتحدة بوجود شحنات الإغاثة في مخازن داخل مناطق القوات المسلحة وهناك سوء استخدام بشأنها”.
وبشأن مصير المحادثات التي لم تتوصل إلى نقطة اتفاق موحد بين الجيش والدعم السريع والأمم المتحدة في جنيف، يقول المصدر إن “مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان العمامرة سيعود أدراجه هذه المرة إلى مجلس الأمن الدولي ليقدم تقريره حول المحادثات وحول التحديات واجهته خلال المفاوضات غير المباشرة”.
ويرى المصدر، أنه في ذلك الوقت الكرة ستكون في ملعب مجلس الأمن الدولي ربما يلجأ إلى استخدام خيارات القوة لإيصال الإغاثة إلى المدنيين مع وضع تدابير الحماية.
العمامرة: هناك أمل
وفي البيان الذي أصدره مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة رمطان العمامرة في ختام المحادثات اليوم الجمعة وصفت الأمم المتحدة المباحثات خطوة أولية مشجعة في عملية أطول وأكثر تعقيداً.
وجاءت محادثات جنيف بين الجيش السوداني والدعم السريع بناءاً على قرارات مجلس الأمن الدولي 2724 الصادر في 2024 و2736 الصادر في نفس العام لإغاثة وحماية المدنيين ووقف النزاع في السودان ويتعلق القرار 2736 بوقف الهجوم في الفاشر ويشمل جميع أنحاء البلاد أيضاً.
وينص القراران الصادران من مجلس الأمن الدولي خلال هذا العام على قيادة مبعوث الأمين العام رمطان العمامرة عملية تشاور مع السلطات السودانية وأصحاب المصلحة في الاقليم وتقديم المزيد من التوصيات لحماية المدنيين.
وقال بيان رمطان العمامرة، إن “مباحثات جنيف ناقشت التدابير التي يتعين اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية لجميع السكان السودانيين المحتاجين؛ إلى جانب خيارات ضمان حماية المدنيين في جميع أنحاء السودان:.
وأوضح البيان بأن الوضع الإنساني في السودان لا زال كارثيا و يتدهور يوماً بعد يوم مشدداً على أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان إلى جميع المحتاجين وضمان حماية جميع المدنيين في السودان.
وأردف بيان العمامرة: “على الرغم من أن الالتزامات الأحادية الجانب من جانب الطرفين إلا انها لا تشكل اتفاقيات مع الأمم المتحدة، إلا أنني أرحب بالالتزامات التي أعلنها اليوم أحد الطرفين لتعزيز المساعدة الإنسانية وحماية المدنيين”.
عدم الإفلات من المحاسبة
وذكر المصدر المقرب من المفاوضات الذي تحدثت اليه (عاين) أن فريق الأمم المتحدة شدد أمام الطرفين في المفاوضات غير المباشرة على عدم إفلات المتورطين في الانتهاكات بحق المدنيين خلال الحرب من العقاب.
وقال المصدر، إن الوفد الحكومي طلب مشاورات أكثر من مرة مع القيادات بالسودان في المقترحات التي تضعها الأمم المتحدة حول العملية الإنسانية في السودان والتي انتهت بالفشل.
وقال المصدر، إنه على الرغم من موافقة الدعم السريع على مقترحات الأمم المتحدة بإدخال الإغاثة وتوزيعها على المدنيين تحت إشراف المنظمات الدولية والأمم المتحدة لكن عدم موافقة وفد الحكومة يشكل عقبة أمام نجاح العملية برمتها.
وزاد المصدر قائلا: “استعاضت الأمم المتحدة بعبارة ولاية بدلا عن سيطرة في المفاوضات وهناك مقترحات بنقل الإغاثة عبر الحدود والداخل بمعنى أن اي طرف عسكري في ولاية حدودية مع دولة مجاورة يمكن للإغاثة أن تصل عبرها”.
وخلفت الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع نزوح عشرة مليون شخص داخل وخارج البلاد حسب إحصائيات الأمم المتحدة كما يقترب خمسة مليون شخص من حافة الجوع بينهم 700 ألف شخص يعانون من الجوع الحاد.