متابعات دارفور : ياسر سليمان
يتناول هذا التقرير الأوضاع في السودان ، وبمنهجية تاريخة تهدف لوصف ورصد الانتهاكات والوقائع وتحليل الاحداث واستخلاص النتائج والتوصيات في الفترة من 15أبريل الى 15 يناير الفعل الحقوقي و المناصرة أساسه القناعة التامة بضرورة التغيير واليقين بأنه ليس هنالك حتمية لما آلت إليه.
حتى وان رسمنا كل التصورات المسبقة ، وما حدث مؤخراً لثورة ديسمبر المجيدة من انتهاك و تشظي وعرقلة لخطاها الثابتة ، في انقلاب 25 اكتوبر 2021 حتى الحرب العبثية بين الجيش الســـوداني و مليشيا الدعم السريع في منتصف ابريل الماضي ، ومازالت تلك المعاناة مستمرة حتى الان مع دخول الحرب شهرها العاشر فقد عانى الشعب الأمرين من ويلات هذه الحرب العبثية ، ومازال يدفع الثمن في كل النواحي الحياتية المختلفة التي ضاقت والقت بظلالها على المواطن.
تعرض المواطن السوداني الأعزل في المنطقة لكل أنواع الظلم والترهيب ، ابتداءا من الحملات التي شنتها قوات الدعم السريع على المواطنين في الطرقات و سرقة هواتفهم ونهب أموالهم وبيوتهم ومقتنياتهم من سيارات ومركبات نقل أخرى ، وضربهم وتركهم في الشـــوارع وغيرها من أدوات قمع وترهيب وتحقير للمواطن حتى وصل بهم الى حلاقة شعر المواطنين دون أي سبب وليس هذا وحسب ، قامت هذه القوات في مناطق سيطرتها أيضا وبتعليمات من قادتها بإجبار الفريشة والتجار في الاسواق واخر باغلاقها من الساعة ال4 عصرا وفرض ضرائب وجبايات بصورة يومية عليهم ومن يخالف هذه التعليمات يتعرض لعقابه من التحقير والتنكيل ، ناهيك عن القصف الحربي من طائرات و صواريخ الجيش التي ترمى بمقذوفاتها بصورة عشوائية على المواطنيين وتخلف الدمار بالمساكن والبيوت وتزهق أرواح الأبرياء من اسر وافراد من الشعب السوداني الذي يدفع ثمن حرب عبثية لا ناقة له فيها ولا جمل .
إنسانيآ
انقطاع الخدمات الأساسية الي ضنك العيش وكدره في اغلب مدن السودان و تحديدا مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع ، حيث انقطعت خدمة الكهرباء والمياه منذ الأشهر الأولى للحرب وذلك بصورة متواصلة عقب المعارك التي تدور بين قوات الجيش و قوات الدعم السريع والتي تؤدي الى ضرب المرافق الخدمية ، مثلما تم ضرب محطة المياه الرئيســـية وً المستشفيات و المصانع و المنشآت الكهربائية ،أدت هذه الوقائع الى تدني الخدمة في عموم البلاد في الفترة من أبريل الى يناير الحالي ، وتتواصل الازمة، اما خدمات الاتصالات تعمل بصورة متذبذبة اما منذ 23 أكتوبر انقطعت بصورة كاملة في مناطق أمدرمان جنوب ، و احياء الخرطوم، ولاية شمال كردفان ألأبيض، و ولاية شمال دارفور “الفاشر “، جنوب دارفور “نيالا” ، و وسط دارفور “زالجني” غرب دارفور الجنينة ، لكن شبكات الاتصال حتى شهر يناير الحالي بدأ الإفراج تدريجيا في بعض المدن المذكورة أعلاه .
أيضا الاغلاق الشامل للأسواق والمحلات التجارية والتضييق الأمني أدى الي تفشي حالة من الركود والعطالة بالنسبة للمواطنين وتوقف كثير من المهن والأشغال، أما تيار النزوح و اللجوء فقد كان في أوجه حيث تتالت الاسر في النزوح و اللجوء من مناطق الاشتباكات فقد نزح عدد كبير من سكان مدن السودان الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع ، بعد أشتداد القصف بالطيران الحربي التابع للجيش و الصواريخ و المدافع عن بعد ، في تلك المناطق التي سيطر عليها الدعم السريع ، مع استمرار حركة النزوح داخليآ و اللجوء مستمرة .
إنتهاكات
تمارس قوات الدعم السريع و الجنجويد جميع أنواع الرعب للمواطنين من قتل ، إعتقالات، اغتصابات، اختفاء قسري تجنيد الأطفال، الاتجار بالبشر، تجارة بيع الأعضاء ، الممتلكات الخاصة ، بطبيعة سيطرتهم للمناطق تكثر قواتهم في كل الشوارع والأسواق وتكثر أيضا الاعتقالات التعسفية والعشوائية للمواطنين ،والاعتقال يتراوح ما بين أسبوع واكثر ويكون مصاحبا للتعذيب والضرب بالذخيرة في أذن الافراد المعتقلين مما أدى لكسور واذى سمعي لعدد كبير من المعتقلين.
كذلك من الجانب الاخر الاعتقالات تطال لنشطاء من لجان المقاومة و الأحزاب السياسية و المعارضين و المواطنين الرافضين للحرب من قبل قوات استخبارات الجيش و جهاز الأمن و الكتائب الجهادية التابعة لنظام الحركة الإسلامية كتيبة البرآء بن مالك ، كتيبة الدبابين ، كتيبة خفافيش الظلام ، كتائب الظل ، كل هذا الكتائب تدار بوساطة قادة من الحركة الاسلامية منهم احمد هارون ، و علي عثمان محمد طه ، علي كرتي ، اسامة عبدالله و اخرين.
و منذ اندلاع الحرب وحتى شهرها العاشر تم اعتقال عدد كبير من المواطنين والضباط السابقين والمحامين وأصحاب الأعمال الحرة بدون تهم ويتراوح عددهم ما بين 7 الف مواطن حسب تقارير غرفة الطوارئ بواسطة طرفي الصراع ، توجد حالات اعتقال تعسفي للمواطنين تطلب فيها قوات الدعم السريع فدية من اهل المواطن بعد مرور فترة من اعتقاله.
حلاقة الرؤوس التي تتم في فترة الاعتقال أصبحت سمة أساسية لقوات الدعم السريع حيث يتم حلق الشعر بدون أسباب او تهم للمواطنين في الطرق الرئيسة والأسواق .
حيث شنت سلسلة من الاغتصابات موثقة في غرفة طوارئ لجان صالحة ناهيك عن القصف العشوائي التابع لطيران الجيش السوداني الذي خلف ضحايا مدنيين وبذلك انتهاك واضح وصارخ لمواثيق القانون الدولي الذي يحرم أي انتهاك نحو المدنيين والمرافق الخدمية العامة.
القصف العشوائي والتدوين اثر على مواطنين مما جعل حركة الهجرة والنزوح مستمرة غير ان بعض الاسر التي هاجرت لم يكون بسبب القصف فحسب بل تشقق المنازل من اثر الصواريخ البعيدة جعلها أيلة للسقوط فأجبروا على تركها ، و تدمير البنيات التحتية المستشفيات، المدارس، المنشآت الطرق و الجسور ، مؤسسات الدولة و مقرات حكومية.
تجنيد الأطفال
في انتهاك اخر للقوانين الدولية وقانون حقوق الإنسان تقوم قوات الدعم السريع بتجنيد أطفال دون السن القانوني ، واجبارهم للانتساب لقواتها مقابل أموال يدفعونها لهم مستغلين حوجة المواطنين الذين ضاقوا ذرعا من ادعاءات الديموقراطية والمزايدة في هذه الحرب اللعينة.
الة اللادولة والفوضى في السودان التي تسببت بها الحرب وعدم الامن وفرض السيطرة القسرية على مناطق النزاع أدى الي عمليات سلب ونهب من قبل قوات مليشيا الدعم السريع بصورة فردية وجماعي على منازل المواطنين .
نهب
سرقة و نهب المنازل أصبحت عادة من عادات قوات الدعم السريع التي تمارسها في مناطق سيطرتها حيث أدت هذه العادة الي مغادرة المواطنين لمنازلهم خوفا على انفسهم وممتلكاتهم من البطش الذي لا يحسن عقباه ، حتى الأسر التي غادرت لم تسلم من جائحة السرقة المتتالية ، وبعد ذلك تباع جميع المسروقات من أدوات منزلية واثاثات في الأسواق والطرق تحت ضغط السلاح من قوات الدعم السريع .
الوضع الصحي
تأثرت البلاد بالدمار في مرافق القطاع الصحي ، حيث لا توجد مستشفيات في كل مدن النزاعات بل لا توجد حتى مراكز صحية عدة ذات قدرة استيعابية صغيرة ، وسعت غرفة طوارئ لجان على تأهيل بعد المراكز في الفترة الأولى للحرب وتوفير الادوية وحصر عددها وتوفير طاقم صحي لدرء مخاطر الحرب، بعد السيطرة القسرية على المناطق من قبل الدعم السريع والقبضة الأمنية الهائلة ونهمهم لإيجاد الكوادر الطبية لإنقاذ جنودهم ، قامت باعتقال عدد من الأطباء واحتلال المراكز أدت هذه الواقعة الى إقفال عدد كبير من المستوصفات ونزوح اعداد من الكوادر الطبية بحثا عن الامن .
الوضع الصحي في اكثر المناطق لا توجد مركزا واحد ، جميعها تقع تحت يد الدعم السريع و الأولوية فيها لجنودهم على حساب المواطن البسيط ، لا يتم فيها استقبال الحالات الحرجة للمواطنين بل يتم ارسالها الى مدن مجاورة لصعوبة الوضع الأمني والصحي ناهيك عن ندرة القابلات في المنطقة حيث نزح بعضهن بسبب اجبارهم على خياطة جروح جنود المليشيا المصابون في المعارك تحت تهديد السلاح لا توجد صيدليات الا القليل و تعمل بدوام جزئي من السادسة صباحا وحتى الثانية ظهرا، تعاني من شح الادوية وندرتها بسبب تعرضها المستمر للسرقة من قبل مليشيا الجنجويد تكاد تنعدم الادوية المنقذة للحياة وذوي الامراض المزمنة بسبب التضييق الأمني وصعوبة الحركة .
الوضع الاقتصادي
الوضع الاقتصادي متدني مع شح للسلع الاستهلاكية بسبب تدمير الشركات و المؤسسات الإنتاجية و مع ذلك سيطرة الدعم السريع على الأسواق الرئيسية وبيع مسروقاتهم فيها، وفرض الجبايات الاجبارية على التجار والفريشة وتواجد كبير للعملات المزورة وانعدام للتحويلات البنكية بسبب عدم توافر خدمات الاتصال وعدم وجود سيولة نقدية ، اغلب البضائع تكون مسروقات وتباع من قبل الميليشيا ، اما السلع التموينية والأغذية تأتي من الدول المجاورة كأثيوبيا من الشرق و من الغرب تشاد و ليبيا، مصر من الشمال .