متابعات دارفور: انعام النور
أعلنت الهيئة الشعبية لنصرة القوات المسلحة السودانية عن تخريج عدد (415) ألف مستنفر من ولايات السودان المختلفة تم تدريبهم تدريبا عالي المستوى على كافة انواع القتال .
كما أعلن المستنفرون جاهزيتهم واستعدادهم للدخول في أرض المعارك حال تم استدعاءهم من رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق الركن عبد الفتاح البرهان .
في مقابل استنفار الجيش، واصلت قوات الدعم السريع حشد المقاتلين والمليشيات المتحالفة معها لقتال الجيش في الخرطوم وفي إقليم دارفور غربي البلاد كما ينضم إلى صفوفها من آن لآخر، منشقون عن الجيش السوداني .
و بمجرد اندلاع القتال في السودان أعلن الجيش حالة الاستنفار فهبَّ الإسلاميون لنصرته ، وكثفت قيادات في نظام الرئيس المعزول عمر البشير جهودها، لإستنفار من يُسَمَّون بالمجاهدين .
و كان الجيش السوداني ينفي أن يكون الإسلاميون طرفا فاعلا في القتال، كما يستنكر اتهام بعضهم له بالتحول لحاضنة للمقاتلين الإسلاميي و انضم الآلاف من أبناء الحركة لالإسلامية للجيش في الإستنفار الخير .
إستنفار قبلي
و من جهة أخرى دعا مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور في مايو الماضي إلى تسليح المدنيين لمواجهة الانفلات الأمني والاعتداءات على المواطنين وقال مني وهو رئيس حركة “جيش تحرير السودان ” لقد تضاعفت الاعتداءات علي المواطنين ،وكثيرون لا يرغبون في سلامة وحقوق المواطنين ، يتعمدون علي تخريب المؤسسات القومية،لذا ،أدعو مواطنينا الكرام جميعاً”اهل دارفور “شيبا وشبابا ، نساءاً ورجالاً ، ادعوهم بحمل السلاح لحماية ممتلكاتهم ، ونحن حركات الكفاح سنسندهم في جميع حالات الدفاع “
و قال السلطان سعد بحر الدين، سلطان دار مساليت إنه سيزور جميع ولايات السودان في إطار استنفار ودعوة ابناء قبيلته لقتال قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور ، مبيناً إن جولة وفده ستمتد الى دول الإقليم وعدد من العواصم الأوروبية بغرض حشد الدعم ، و في زيارة له بفرنسا إلتقي مع عدد من القانونيي و ممثلي المحكمة الجنائية الدولية بغرض تحشيد الدعم الدولي لمساندة قضية إبادة المساليت بيد أن هنالك قبائل آخري تم التعدي عليها و لم تستطيع التواصل مع الجهات القانونية الدولية لرفع شكواها إذ تعتبر احداث الجنينة من الأحداث القبلية التي لم تكون جزءآ من الحرب الدائرة في السودان و إنما إستخدمت ظروف الحرب في السودان لتأجيج الصراع بين العرب و المساليت و كان الخاسر جميع القبائل القاطنة بالجنينة ، حيث تم الترتيب لأحداث الجنينة بشكل مسبق و مرتب لإستخدام اي سخرة عنف تحدث بالبلاد .
و من زاوية آخري استنفرت الادارة الاهلية لقبيلة المسيرية بمدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان في أغسطس الماضي نحو 400 مسلح من أبناء القبيلة لحماية أسواق ومؤسسات الدولة و البحث عن المنهوبات على خلفية الفوضى التي شهدتها المدينة جراء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع ، و قالت مصادر أن مسلحي القبيلة تم توزيعهم للحماية في بعض المراكز الحكومية ووسط السوق .
و في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وثاني أكبر المدن السودانية- أدت دعوات تسليح المواطنين إلى استهدافهم من قبل قوات الدعم السريع ، وأشار مواطينين إلى أن الدعم السريع ارتكبت انتهاكات وسط غياب تام للأجهزة الأمنية والشرطية ولفتوا إلى أن غياب الأجهزة الأمنية أدى لبروز أصوات محسوبة على النظام البائد تنادي بضرورة تسليح المدنيين .
وأضافو بدأت عملية تسليح فعلية في أحياء الوادي وسط المدينة وأجزاء من حي السكة حديد و تكساس كان الغرض من عمليات التسليح حماية المنازل والممتلكات من هجمات الدعم السريع .
و في نهاية أبريل الماضي إنتشرت قوات الشرطة بمدينة نيالا، في محاولة لتحجيم الدعوات المنادية بتسليح المواطنين ، و بعد اشتداد المعارك في مدينة نيالا وتوتر الأوضاع بين الجيش والدعم السريع، عادت أصوات المنادين بتسليح المواطنين للارتفاع من جديد .
و كشفت مصادر عسكرية عن محاولة تسليح المدنيين من قبل القوات المسلحة لسكان تكساس من الحارة الاولي و الثانية بنيالا بغرض حماية ممتلكاتهم و لكن الخطة باعت بالفشل مما عرض المدنيين لمزيد من الانتهاكات .
و عملت قوات الدعم السريع علي إستنفار عناصرها داخل القبائل التي تمثل حواضن إجتماعية لها بغرب و جنوب دارفور من قبل قائد ثاني دعم سريع عبدالرحيم دقلو لتنفيذ المرحلة الثانية من الحرب و هي السيطرة علي دارفور و كردفان بيد ان دقلو فشل في تطويع بعد القبائل كقبيلة المهرية و السلامات كقوة شرسة من قبائل دارفور .
فيما فتحت ولاية نهر النيل شمال السودان ما وصف بأنه المعسكر الأول من نوعه والأكبر لتجنيد الفتيات، بعد دعوة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان للاستنفار والتصدي لقوات الدعم السريع التي تتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلفت موجة استهجان على الصعيدين المحلي والعالمي.
وأثار تدشين مركز تدريب الفتيات الذي يضم نحو 200 سيدة وفتاة تتراوح اعمارهن بين 17 إلى 50 عاما غالبهن من النازحات اللائي فررن من الحرب بالخرطوم، حفيظة مجموعة من الناشطات واعتبرنه ارجاعا لسطوة نظام الإسلاميين الذي اطيح به في ابريل من العام 2019، كما أنه يمثل دعوة لاستمرار الحرب الذي يخالف التوجه النسوي الداعي لوقفها.”
و في مدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة للسودان راجت فيدوهات علي مواقع التواصل الاجتماعي بتدريب أعداد كبيرة من النساء لنصرة القوات المسلحة السودانية ضد الدعم السريع كما تم تخريج دفعة من المستنفرين بكسلا و الابيض و مروي و عدد من مدن السودان المختلفة .
قيود دولية
يضع القانون الدولي الإنساني، قيوداً صارمة بشأن تسليح المدنيين في النزاعات الدولية. ويقول رئيس المبادرة السودانية لحقوق الانسان، الشريف علي الشريف، في حديثه ”أن البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 ينص في المادة 43 (1) على أن “القوات المسلحة لطرف في النزاع تتألف من كل المنظمات العسكرية والمجموعات والوحدات المسلحة التي يقودها طرف في النزاع وتكون تحت أمره وهي ملزمة بالقانون الدولي الإنساني المطبق في النزاع المسلح”.
ولفت الشريف، إلى أن المادة 51 (3) من البروتوكول الأول تنص على أن “المدنيين يجب ألا يكونوا هدفا للهجوم إلا إذا كانوا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال القتالية”.
وأوضح علي، أن ذلك يعني أن المدنيين الذين يحملون السلاح أو يشاركون في الأعمال القتالية قد يتعرضون للهجوم، ولكن الفترة التي يشاركون فيها بشكل مباشر في الأعمال القتالية فقط. وإعتبر أن استخدام المدنيين كدروع بشرية ممارسة غير قانونية بحسب القانون الدولي الإنساني.
كما أشار الشريف، إلى أن تسليح المدنيين بواسطة أي طرف من الأطراف المتقاتلة يضر بالجهود التفاوضية المبذولة لوقف الاقتتال في السودان، كما أنه سيعمل على تعقيد عملية التفاوض الجارية الآن.
وأكد أن تسليح المدنيين له آثار قانونية وإنسانية متعددة، كما يمكن أن يكون تجاوزًا للقانون الدولي الإنساني في بعض الظروف. ولفت، إلى أن الصراع في السودان، وخاصة في منطقة دارفور، معقد ويشمل مجموعة متنوعة من الأطراف .
وأشار إلى وجود مزاعم بالتسليح بواسطة عدة أطراف سواء كانت تابعة للجيش أو الدعم السريع أو غير حكومية “أهلية” في محاولة لتحقيق أهداف خاصة بالصراع على الأرض كما يحدث في دارفور.
وأكد الشريف، أن القانون الدولي الإنساني يجب على كل الأطراف المشاركة في النزاع المسلح، إحترام حقوق الإنسان وحماية المدنيين.
تابع: “يجب أن تكون كل القوات، بما في ذلك قوات الدعم السريع، خاضعة للقانون الدولي الإنساني، وهو القانون الذي ينظم النزاعات المسلحة ويحمي الأفراد الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال القتالية”.
كما لفت إلى أن المجتمع الدولي لديه دور يتمثل في مراقبة الوضع والضغط على الأطراف المعنية لضمان احترام القانون الدولي الإنساني ، وأوضح أن الضغط الدولي يتمثل في فرض عقوبات على الأطراف التي تقوم بتسليح القبائل وتنتهك القانون الدولي أو تتدخل للمساعدة في التوصل إلى حل سلمي للنزاع.
وأطلق البرهان في يونيو الماضي نداءً لكل من يستطيع حمل السلاح للانضمام إلى صفوف الجيش للقتال ضد «قوات الدعم السريع»، ثم تبعه بتوجيهات لقيادات الفرق والمناطق العسكرية في كل ولايات البلاد بإستقبال وتجهيز المتطوعين للمشاركة في المعارك.
مليشيات موازية
عملية التجنيد والتجييش تعتبر انعكاس لأزمة الصراع السياسي، وهي لا تقتصر على التجنيد بواسطة القوات المسلحة و الدعم السريع فقط ولكن حتى الى تكوين مليشيات موازية في شتى البقاع”، و يقول الخبير العسكري عمر أرباب “كل هذه التحركات تمثل واجهات لصراع سياسي بين أطراف سياسية وكان من باب أولى أن يكون عبر عمل سياسي وصناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة والعملية الديمقراطية، ولكن العقلية السياسية طوال التأريخ ظلت تتحالف مع القوات المسلحة في جانب وتكون قوات موازية من أجل الصراع السياسي، وأصبح الجيش واحد من الأدوات التي تستخدم في هذا الصراع والذي كان يفترض أن يكون بمعزل عن هذا الشيء”.
وبحسب خبير عسكري ، فإن الذين يصلون إلى السلطة عبر قوة السلاح يصبحوا شركاء مع المؤسسة العسكرية، بالتالي تصبح القوات المسلحة طرف في صراع سياسي بين أحزاب سياسية، وهي واحدة من الآثار الكارثية للانقلابات العسكرية، وأن ما يحدث من استقطاب اثني وحزبي وتجييش لا يبشر بخير وسيقود الوطن الى محرقة لا تبقي ولا تذر”.
واندلع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، في وقت كان فيه المكونان المدني والعسكري يعكفان على وضع اللمسات الأخيرة للمرحلة النهائية للعملية السياسية، باستثناء الخلاف حول وضعية قوات “الدعم السريع” ومصفوفة دمجها في الجيش التي يرجح أنها كانت السبب الرئيس في تفجر الصراع.
وتمددت المعارك من العاصمة الخرطوم إلى ولايات دارفور وجنوب كردفان وأخيراً النيل الأزرق، ما قد ينذر بجر البلاد إلى أتون حرب أهلية طويلة فضلاً عما خلفته من أزمة إنسانية كارثية جعلت نصف السودانيين في حاجة ماسة إلى معونات غذائية عاجلة.