بقلم: يوسف آدم بشر المحامي
كثيرا ما نسمع الناس يرددون من خلال السواقة بالخلاء وفي حدود فهم العامة المغلوط لماهية الانقلابات، بأن انقلابا قاده البرهان على دستور السودان من خلال القرارات التي أصدرها وهو عسكرى ، من على سدة قمة رأس الجهاز السياسي للدولة، رئيسا لمجلس السيادة بموجب وثيقة اطلق عليها أنها دستورية اختلقت لترفيعه الى سياسي رسمي من وراء شعب الدولة الذي لا يعرف للبرهان ولا لأي عسكري أو منسوب قوة نظامية او موظف خدمة عامة لا يزال في الخدمة، أي سلطة رسمية تتجاوز حدود قانون تعيينه ضمن العاملين في الجهاز الإداري للدولة ، مدنيا كان أم عسكريا، وعليه فالسؤال المهم هو ، هل ما تم في اكتوبر٢٠٢١م يشكل انقلابا على دستور السودان ، أم أن ما أصدره البرهان من قرارات ، ما هي الا حلقة من حلقات انقلاب ظل مستمرا منذ ١٩٨٩م، وانما في كل مرحلة يتم التخلص من بعض الشركاء من غير ذوي الولاء سياسيا من خلال مثل تلك الاجراءات، وفي الوقت المناسب بما في ذلك اجراءات فض شراكة انتهازية وثيقة ٢٠١٩/٨/١٧م ؟وحتى نصل الى الحقيقة مجردة دعونا، نتأمل في القرارات التي أصدرها كل من عبود ونميري والبشير للقيام بالانقلاب ، نجد أن كل منهم قد أصدر أمره على التوالي بالصيغ الاتية : ، الأول بتعطيل العمل بدستور السودان والثاني بأيقاف العمل بدستور السودان ، والثالث بان يعطل العمل بدستور السودان ، فهل أصدر البرهان ضمن قراراته أمرا بتعطيل العمل بوثيقة قحت الدستورية؟أم لا تزال هي الحاكمة الى الان ، فاذا كان هي الحاكمة الى الان ، فأين الانقلاب على الدستور في اكتوبر ٢٠٢١م ،؟ وهل طوال انقلابات عبود ونميري والبشير ظل العمل بالدستور المنقلب عليه يوما واحدا ، ام انه الضحك على عقول البسطاء ولجان المقاومة وحتى المجتمع الدولي قد انطلى عليه اكذوبة ان الانقلاب على سند سلطة شعب السودان الدستوري كتشريع ديمقراطي انما طرأ في اكتوبر ٢٠٢١م وانها وقعت على الوثيقة الدستورية، تلك الوثيقة التي بفضلها أصبح نفر من العسكريين الإداريين الذين لا يزالون في الخدمة ، قد ترفعوا الى سياسيين بسند دستوري وبموجبه تم ترفيع البرهان من رئيس إداري لمجلس عسكري (سلطاته الرسمية مستمدة فقط من قانون التعيين) لتسيير المجلس الرئاسي سدا للفراغ الدستوري ، الى رئيس فعلي لمجلس سيادة واصبحت سلطاته سياسية يستمدها من سند رسمي مختلق غير تشريعي لاحلاله محل دستور السودان التشريعي القابع تحت اسار تعطيل انقلاب الانقاذ له منذ يونيو ١٩٨٩م، واذا كان قادة الانقلابات السابقين قد اصطحبوا شركاءهم في الانقلاب من القانونيين لتولي مهمة اختلاق سند دستوري يصعد بموجبه اي من أولئك القادة العسكريين الى مواقع سياسية دستورية ، (من قائد عام للجيش كرئيس إداري الى قائد أعلى والذي هو منصب دستوري يباشره رأس الدولة) الا ان جماعة ممن يدعون خصومة الانقاذ ، هي من تصدت لمهمة المخاطرة باعداد السند الذي ينتظره أي قائد إداري عسكري كان يتطلع لانجاز الانقلاب الفعلي كان يقوم بها فئة من بين اعضاء الحزبيين للانقلابيين الا ان هذه المرة قد تولت قحت كخصم تلك المهمة كمغفل نافع فقامت باعداد ذلك السند الدستوري ، ليرفع بموجبها خصمهم الانقلابي نظير أن يخرجوا على الأقل بشئ من فتات السلطة وتسليط الأضواء عليهم حينا من الدهر ممثلا دور ضحية نظام انقلاب الانقاذ الذي قاد الثورة مع أن اغلب كيانات قحت لم تأنف من أن تكون شريكة في نظام انقلاب الانقاذ على الشعب في فترة ما من عمر عهد الانقاذ ، ولتعمل شريكة من داخل أجهزة انقلاب الانقاذ المسمى دستورية، كل ما في الأمر أن لكل عمل منحرف من المقاييس أو المعايير او الموازين أو المكاييل التي يرجع اليها لاختبار مدى توافر شروط حدوث الفعل الموصوف به ذلك العمل ، وأن المقياس الذي يعرض عليه فعل ما للتأكد من أنه انقلاب أم لا ، ليس عزل الوزراء واعتقال السياسيين، وانما المعيار هو استبعاد السند الدستوري الحاكم بجميع مواده واصدار سند دستوري يتأسس عليه سلطة الانقلاب الجديد وهو ما لم يقم به البرهان ، لأنه يعلم تمام العلم انه كان ولا يزال حاكما للسودان من خلال انقلاب مستمر على دستور السودان المعطل من ١٩٨٩/٦/٣٠م.