حرب السودان مخطط دولي لإنفصال دارفور (1-3)


محمد عثمان

بعد أكثر من شهرين على خروجه من السودان، عاد عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، إلى إقليم دارفور وبدأ تعبئة لتنفيذ عملية عسكرية في الإقليم تحقق “تحولا نوعيا” عقب تراجع قواته في الخرطوم.

ويخشى خبراء عسكريون أن يكون نقل الحرب من الخرطوم إلى دارفور، خطوة نحو انفصال الإقليم.

ويقول مصدر عسكري إن دقلو خرج من الخرطوم نحو تشاد عبر دارفور في الأسبوع الأول من يوليو الماضي، ثم انتقل إلى بنغازي الليبية وغادرها إلى أبو ظبي ومنها إلى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، و الى العاصمة الكينية نيروبي، ثم عاد إلى تشاد وعبر منها إلى شمال دارفور، وأخيرا إلى جنوب دارفور قبل أيام.

وكشف مصدر (فضل حجب اسمه) أن خروج دقلو رافقه “تزايد تدفق الأسلحة لقوات الدعم السريع عبر قاعدة أم جرس في تشاد، التي تبعد نحو 300 كيلومتر عن الحدود السودانية إلى قاعدة الزرق في شمال دارفور ومواقع في مناطق حمرة الشيخ في شمال كردفان، قبل نقلها إلى الخرطوم.

اهداف جولاته :

و يرى المصدر أن عبد الرحيم دقلو وصل إلى دارفور لتحقيق عدة أهداف، أبرزها استنفار قوات من المجموعات العربية التي تمثل اكبر الحواضن الاجتماعية التي أعلنت انحيازها لقوات الدعم السريع، وإبرام مصالحة بين قبيلتي السلامات والبني هلبة في جنوب دارفور، بعد مواجهات عسكرية أدت إلى مقتل وإصابة مئات من الطرفين وحرق قرى، مما أدى إلى انسحاب مقاتليهم من معركة الخرطوم وعودتهم لإنضمام في الصراع.

وأضاف أن هدفه الأكبر، هو تنفيذ عملية عسكرية في جنوب دارفور تحقق تحولا نوعيا في مسار الحرب في الإقليم، ولذلك “يسعى للسيطرة على نيالا عاصمة الولاية ثاني أكبر مدينة في البلاد بعد الخرطوم من حيث عدد السكان والنشاط الاقتصادي والتجاري”.

ويوضح المصدر، أن مؤشرات استهداف نيالا، هي أن عبد الرحيم عقد لقاء مع قيادات عسكرية لقواته في منطقة المزلقان قرب مدينة أم سيالا في شمال دارفور، وشدد على ضرورة إخراج الجيش من نيالا كما زار منطقتي عد الفرسان ومدينة كأس في جنوب دارفور لتحشيد قواته للحصول على ورقة ضغط ومكسب عسكري، قبل استئناف المفاوضات عبر منبر جدة، وفق المصادر ذاتها التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

وأضاف إن مدينة نيالا تسببت “في حرج لقوات الدعم السريع التي أخفقت عشرات هجماتها في الاستيلاء على مقر الفرقة 16 للجيش، وهي تعتبر المدينة مركز ثقل لأسرة آل دقلو والمجموعات العربية المساندة لهم، كما تضم مطارا دوليا يُعد الأكبر في البلاد بعد الخرطوم ويمكن أن يتحول إلى مركز لوجستي فاعل.

وتؤكد المصادر نفسها أن جنوب دارفور، لها أهمية اقتصادية، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على منجم سنقوو الغني بالذهب في المثلث الحدودي بين السودان وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.

وتُعتبر هذه المدينة مركز ارتباط تجاري مع غرب ووسط أفريقيا وبالتالي هي مصدر تمويل الدعم السريع بعد العقوبات الأميركية على شركات القوات وقيادتها وعبد الرحيم دقلو.

في الأثناء، أفاد المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله، في تصريح اليوم الأربعاء، 29سبتمبر المنصرم بأن القوات المسلحة تتابع وترصد بدقة كل نوايا العدو وأكد جاهزيتها للتعامل مع أي متغيرات يحاول أن يفرضها الدعم السريع داخل العاصمة أو خارجها.

المطبخ الدولي:

ويرى الخبير العسكري اللواء مازن محمد إسماعيل، أن هناك “طبخة دولية” تجري بشأن الأزمة السودانية و إن الدعم السريع سيحتاج إلى (نصر كبير) يرجح أن يكون في دارفور وخصوصا في نيالا باعتبارها الحاضنة والنواة الأساسية لقواته، وهي الأقل عداء له رغم ما حدث في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، من انتهاكات وجرائم.

ويضيف إسماعيل، أن الجيش ينتهج تكتيكات دفاعية ويتحصن في مقراته ولا يخرج منها وفي نيالا فشلت عشرات محاولات الدعم السريع للاستيلاء على مقر قيادة الفرقه 16مشاة التابع للجيش السوداني بوسط المدينة، ولكن الجيش لا يجد إمدادا حقيقيا يكافئ حجم الاستنزاف في المقاتلين والأسلحة، الأمر الذي لا يدعو للاطمئنان
ويتابع، “أخشى على الفرقة 16 في نيالا، وإذا سقطت في يد الدعم السريع سيكون للأمر تداعياته الهائلة على الإقليم بحكم موقع المدينة وثقلها الاقتصادي والسكاني.

ويوضح الخبير العسكري أن الجيش في نيالا تعرض إلى طعنة نجلاء بإغتيال قائد الفرقة اللواء ياسر فضل المولى على يد أحد حراسه في أغسطس/آب الماضي، مشيرا إلى أن خلفه اللواء حسين جودات لا يقل كفاءة عنه “ولكن حسابات النصر والهزيمة تؤثر عليها عوامل أخرى، غير ميزان القوة العسكرية والتقاليه في الميدان .
اعادة تحويل الصراع لمسرح جديد .

ويعتقد إسماعيل، أن انسحاب مجموعات من قوات الدعم السريع من ميدان القتال في الخرطوم إلى دارفور خلال الأسابيع الماضية جزء منه للإعداد لهجوم كبير في دارفور، وتوقع انتقال مسرح الحرب من العاصمة إلى غرب السودان ضمن مخطط دولي “لانفصال دارفور”.

ويؤكد أن القوى الدولية التي “أججت الحرب في دارفور، تسعى إلى صناعة الأزمة واستمرارها حتى انفصال الإقليم عن السودان على غرار جنوب السودان ويضيف إسماعيل أن القوى الإقليمية التي استثمرت جهودها المالية والاستخباراتية والدبلوماسية في دعم قوات الدعم السريع لتحقق مصالحها وأهدافها، لن تكترث لحجم الضحايا من الجانبين، ولا يتوقع أن تسلم قريبا بفشل استثمارها.

في المقابل، يرى الخبير الأمني عمر عز الدين أبو القاسم، أن الدعم السريع يبحث “عن نصر عسكري ومعنوي كبير بعد سلسلة من الهزائم المتكررة في الخرطوم، إثر 3 أسابيع من الهجمات على سلاح المهندسين في أم درمان وسلاح المدرعات في جنوب الخرطوم ومقر قيادة الجيش وسط العاصمة”.

ويقول: إن الدعم السريع تعرض لخسائر عسكرية خلال الأيام الماضية في زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، حيث سيطر الجيش على المدينة “وليس بإمكان (الدعم السريع) تنفيذ أي عملية مؤثرة وذات قيمة عسكرية في الفاشر عاصمة الإقليم.

و يرى أبو القاسم أن عبد الرحيم دقلو سيسعى للسيطرة على نيالا بأي ثمن، لتوجيه رسائل داخلية وأخرى خارجية بأن قواته لا تزال قادرة على الفعل، ولا يمكن استبعاد قيادتها من أي معادلة سياسية و يضيف الخبير الأمني أن الجيش تمكن من صد هجمات شرسة عندما كانت قوات الدعم السريع تهاجم مقر قيادة الجيش في نيالا بقوات نخبة جيدة التدريب، ويرى أن القوات الجديدة -وإن كانت كبيرة- لن تتمكن من تحقيق انتصار حاسم؛ لأنها غير مدربة على استخدام الأسلحة الثقيلة وليس لديها الخبرة القتالية الكافية.

ويعتقد أن قوات الدعم السريع ظلت تتقاسم السيطرة على نيالا مع الجيش طوال الشهور الماضية، ما يعني أنها لم تعد حاضنة اجتماعية خالصة له رغم أن قيادات القبائل العربية أعلنت انحيازها للدعم السريع، التي استخدمت معها الترغيب والترهيب.

الاستخبارات العسكريه ومحاولة توجيه الحرب لدارفور

في الأسبوع الماضي كادت ولايه شرق دارفور أن تحترق للدخول في مربع حرب الجيش والدعم السريع حيث كشفت مصادر عسكرية، الاربعاء، الماضي عن نشوب توترات بين الجيش وقوات الدعم السريع بولاية شرق دارفور تنذر بوقوع اشتباكات بين القوتين، بوقت سارعت قيادات أهلية للتدخل بين الطرفين لمنع وقوع أي مواجهات في المنطقة.

وتعد شرق دارفور، هي الولاية الوحيدة من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور لم تشهد مواجهات عسكرية بين طرفي النزاع العسكري في السودان، بعد أن أفلح قادة أهليون في التوصل لاتفاق بين القوتين يقضي بمنع اندلاع الحرب في المنطقة ، لكن مدينة الضعين التي تعد العاصمة التاريخية لقبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها معظم جنود وقادة قوات الدعم السريع حيث ظلت تفوج أعداد كبيرة من المقاتلين الذين التحقوا بقوات الدعم السريع بجبهات القتال في العاصمة الخرطوم .

وقالت مصادر تحدثت لـ”Darfur follow ups ”، إن “قوة من الدعم السريع استولت على عربه دفع رباعي محملة بالزخائر جنوب مدينة الضعين في طريقها لقيادة الفرقه 20 مشاة وقامت باحتجازها مما خلق توتر و انتشار الجيش في السوق وبعض الأحياء و أشار المصدر الي أن قائد الفرقة 20 مشاه بمدينة الضعين أصدر توجيهات باسترداد السيارة العسكرية بالقوة وأمر بنشر تعزيزات عسكرية حول الحامية العسكرية.

إلا أن ناظر عموم قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو وعدد من القيادات الأهلية في المنطقة سارعوا الى إجراء اتصالات بين قيادة القوتين، حيث حثوهم على خفض التوتر مع التعهد للقوات المسلحة بإرجاع المركبة العسكرية في غضون ساعات.

وبهذا الطعم الذي كان من الممكن أن يبتلعه الدعم السريع من استخبارات الجيش السوداني والذي بدوره سيؤجج الأوضاع لبدايه مرحلة جديده في ميادين الحرب المتعددة في السودان .

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد