متابعات دارفور: الدلنج
أعلنت لجنة المعلمين السودانيين، الأربعاء، وفاة معلمين اثنين بعد تعرضهما للتعذيب أثناء احتجازهما لدى الاستخبارات العسكرية بمدينة الدلنج في ولاية جنوب كردفان، فيما كشفت أسرة أحد الضحايا لراديو دبنقا تفاصيل ما جرى داخل معتقلات استخبارات اللواء (54) مشاه.
وقالت اللجنة، في بيان، إن الأستاذ إمام الضاي، وهو معلم مرحلة ابتدائية بقرية الفرشاية، توفي متأثرًا بما وصفته بتعذيب ممنهج تعرّض له داخل معتقل تابع لاستخبارات اللواء (54) مشاه بالدلنج. وأضافت أن زميله وابن عمه، المعلم ترتور الضاي، كان قد توفي في نوفمبر الماضي بعد احتجازه لدى الجهة نفسها وفي ظروف مماثلة.
وبحسب البيان، جرى استدعاء المعلمين إلى إدارة التعليم بمدينة الدلنج بحجة استلام مستحقاتهما المالية، قبل أن يتم اعتقالهما فور وصولهما، دون أوامر قضائية أو توجيه تهم رسمية أو عرض على أي جهة عدلية، حيث ظلا رهن الاحتجاز لعدة أشهر.
وأكدت اللجنة أن المعلمين تعرضا خلال فترة احتجازهما لسوء معاملة وتعذيب أدى إلى تدهور حالتهما الصحية ووفاتهما لاحقًا، مطالبة بفتح تحقيق جنائي مستقل وشفاف، ومحاسبة جميع المتورطين دون أي حصانات. وشددت على أن ما جرى لا يُعد حادثة معزولة، بل يأتي ضمن سياق أوسع من الانتهاكات التي يتعرض لها المعلمون، داعية إلى مساءلة كل من أصدر الأوامر أو نفذها أو تستر عليها.
من جانبها، حمّلت أسرة المرحوم الأستاذ إمام الضاي ترتور، المعلم بمدرسة الفرشاية بولاية جنوب كردفان، استخبارات اللواء (54) الدلنج المسؤولية الكاملة عن وفاته، مؤكدة أنه توفي متأثرًا بالتعذيب والتجويع بعد أشهر من الاحتجاز التعسفي.
ذهبا لصرف الراتب ولم يعودا
وتعود تفاصيل القضية، بحسب إفادة أحد أقارب الضحيتين في تسجيل خاص لراديو دبنقا، إلى أن الأستاذ إمام الضاي ترتور وزميله الأستاذ ترتور الضاي الضو توجها في 7 أبريل 2025 من منطقة الفرشاية إلى مدينة الدلنج، عقب تواصلهما مع الجهات الرسمية بشأن صرف رواتبهما الشهرية.
وأوضح المتحدث أن المعلمين طالبا بتحويل رواتبهما عبر تطبيق “بنكك” التابع لبنك الخرطوم، إلا أن الجهات المعنية أصرت على الصرف بالحضور الشخصي، وطلبت منهما التوجه إلى مدينة الدلنج، التي تبعد نحو 20 كيلومترًا جنوب الفرشاية، رغم الأوضاع الأمنية الخطرة على الطريق.
وبحسب الإفادة، تمكن المعلمان من الوصول إلى الدلنج، غير أنهما تعرضا للاعتقال فور وصولهما. وأضاف أن السلطات كانت على علم بإصابة الأستاذ ترتور الضاي الضو بمرض السكري، ورغم ذلك ظل محتجزًا لأكثر من سبعة أشهر دون تمكينه من تلقي العلاج، إلى جانب تعرضه وزميله لظروف احتجاز قاسية شملت افتراش الأرض وسوء التغذية.
وأشار المتحدث إلى أن المعلمين تعرضا لتعذيب وصفه بـ”المهين” داخل المعتقلات التابعة للاستخبارات العسكرية، ما أدى إلى تدهور حالتهما الصحية بصورة خطيرة. ورغم المبادرات المتكررة التي أطلقها زملاؤهما وأسرهما للمطالبة بالإفراج عنهما، لم تستجب الاستخبارات لتلك النداءات، كما لم تُبدِ لجنة الأمن، التي يرأسها المدير التنفيذي، أي تفاعل يُذكر.
وأضاف أن استمرار احتجازهما وتعذيبهما وتجويعهما جاء – بحسب إفادة الأسرة – بسبب انتمائهما إلى منطقة خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع أو قوات حكومة “تأسيس”.
وبعد فترة طويلة من الاحتجاز، قررت السلطات تحويل المعلمين إلى الشرطة تمهيدًا لتقديمهما للمحاكمة، إلا أن القرار جاء متأخرًا، إذ توفي الأستاذ ترتور الضاي الضو داخل المستشفى متأثرًا بمضاعفات مرض السكري، إلى جانب آثار التعذيب والتجويع. ولحق به لاحقًا الأستاذ إمام الضاي، الذي توفي في ديسمبر 2025، متأثرًا بالظروف نفسها.








