متابعات دارفور: السودان
كشف مختبر الشؤون الإنسانية في جامعة ييل الأميركية، الثلاثاء، عن رصد 150 موقعًا يُرجّح أنها تضم رفاتًا بشرية في مدينة الفاشر، وذلك استنادًا إلى صور أقمار صناعية التُقطت عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، في ما اعتبره المختبر دليلًا إضافيًا على وقوع عمليات قتل جماعي.
وأوضح التقرير أن قوات الدعم السريع لا تزال، رغم مرور أكثر من ستة أسابيع على سيطرتها على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تفرض قيودًا صارمة على الوصول إلى المدينة، وهي خطوة يُعتقد أنها تهدف إلى طمس الأدلة ومنع توثيق الانتهاكات.
وأكد المختبر «بدرجة عالية من الثقة» أن الدعم السريع تورطت في عمليات قتل جماعي مباشرة بعد إحكام سيطرتها على الفاشر، مشيرًا إلى أنه حدّد ما لا يقل عن 150 تجمّعًا لأجسام تتوافق خصائصها البصرية مع الرفات البشرية، وذلك عبر تحليل صور الأقمار الصناعية خلال الفترة الممتدة بين 26 أكتوبر و1 نوفمبر 2025، مع متابعة لاحقة حتى 28 نوفمبر لرصد أي تغيّرات.
وبيّن التقرير أن هذه التجمّعات تعكس أربعة أنماط رئيسية للقتل، أبرزها استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الفرار، وهو ما يظهر في 83 تجمّعًا. كما أشار إلى نمط آخر يتمثل في عمليات قتل جماعي شملت مداهمات من منزل إلى منزل وعمليات إعدام ميدانية في أماكن احتمى بها المدنيون، حيث جرى توثيق 52 تجمّعًا في حي الدرجة الأولى.
ويُعد حي الدرجة الأولى آخر المناطق التي لجأ إليها المدنيون من أحياء الفاشر ومخيم أبو شوك شمالي المدينة، فرارًا من تقدم قوات الدعم السريع، قبل أن تسيطر عليه في 26 أكتوبر الماضي.
وأضاف المختبر أن نمطًا ثالثًا يشير إلى عمليات قتل جماعي في مواقع يُحتمل ارتباطها بالاحتجاز أو الفرز الأمني، فيما يعكس النمط الرابع أعمال قتال جماعي داخل منشآت عسكرية.
كما رصد التقرير تغيّرات في حجم أو مظهر 108 تجمّعات، من بينها 57 تجمّعًا اختفى كليًا بحلول 28 نوفمبر، موضحًا أن هذه التغيّرات شملت النقل أو الإزالة أو الحرق أو الدفن، إضافة إلى تغيّر لون الأرض المحيطة.
وسجّل المختبر 38 حالة لتغيّر لون الأرض إلى الأحمر، تتسق مع وجود دماء أو سوائل جسدية، من بينها 33 حالة مرتبطة مباشرة بتجمّعات الرفات، مؤكدًا أن هذا التغيّر لم يكن ظاهرًا قبل 26 أكتوبر ولا يتوافق مع الغطاء النباتي الطبيعي.
وأشار التقرير كذلك إلى رصد نشاط لمركبات تابعة لقوات الدعم السريع، شمل سيارات عسكرية خفيفة وشاحنات نقل، قرب 31 موقعًا من مواقع التجمّعات.
ولفت باحثو المختبر إلى أنهم ميّزوا بين التجمّعات المتسقة مع رفات بشرية وبين الحطام، استنادًا إلى الخصائص البصرية، إذ يتميز الحطام بأشكال حادة أو غير منتظمة ولا يطرأ عليه تغيّر مع مرور الوقت، على عكس التجمّعات التي أظهرت مؤشرات نقل أو إخفاء أو حرق أو دفن.
وشدّد التقرير على أنه لا يسعى إلى تحديد العدد الدقيق للضحايا، بل يهدف إلى تحليل أنماط وسلوكيات القتل الجماعي والتعامل مع الجثث، مؤكدًا أن الأدلة الواردة فيه يمكن أن تشكّل أساسًا داعمًا لتحقيقات آليات العدالة الدولية وهيئات التحقيق والمحاكم المختصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة.








