متابعات دارفور: دارفور
كشف منتدى صحفيات دارفور في بيان صدر مطلع سبتمبر الجارى عن أوضاع وُصفت بالـ”مأسوية” تواجهها الصحفيات والإعلاميات في إقليم دارفور منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، محذرًا من أن استمرار الانتهاكات يهدد حرية الصحافة وحق المجتمعات في الوصول إلى الحقيقة.
ووفقًا للبيان، فإن ما يقارب 150 صحفية وإعلامية يعشن اليوم بين النزوح القسري، فقدان الوظائف، العمل تحت أسماء مستعارة، أو الصمت المفروض بفعل الخوف. وأشار المنتدى إلى أن التهديدات لا تقف عند حدود المهنة، بل تمتد إلى التحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب كأدوات لإسكات النساء العاملات في المجال الإعلامي.
البيان أوضح أن التوزيع الجغرافي للصحفيات العاملات داخل الإقليم يكشف صورة صادمة؛ ففي شمال دارفور (الفاشر) وثّق المنتدى وجود ما لا يقل عن 13 صحفية يواصلن العمل رغم المعارك والجوع المتفاقم، كثيرات منهن يعملن تحت أسماء مستعارة. وفي وسط دارفور (زالنجي) لا تزال 11 صحفية فقط صامدات، تسع منهن في الإذاعات المحلية، بينما غادرت اثنتان المهنة بسبب الاستهداف. وفي غرب دارفور (الجنينة) لم يتبق سوى 15 صحفية يعملن في ظروف انعدام شبه كامل للسلامة المهنية. أما في جنوب دارفور (نيالا) فقدت حوالي 20 صحفية مصدر دخلهن بعد توقف المؤسسات الإعلامية. وفي شرق دارفور (الضعين) تواصل العديد من الصحفيات العمل وسط “صمت قسري” وقيود مشددة تحد من حرية النشر.
وأضاف البيان أن الحرب لم تكتفِ بمصادرة أصوات الصحفيات، بل حصدت أرواح بعضهن. ففي 30 يونيو 2023 قُتلت الصحفية سماهر عبد الشافع إثر سقوط قذيفة على مخيم للنازحين في وسط دارفور، وفي 4 أكتوبر 2024 لقيت الإعلامية منى صديق جابر مصرعها جراء قصف جوي استهدف منطقة الكومة بشمال دارفور.
وأكد المنتدى أن الصحفيات في مناطق سيطرة الجيش أو قوات الدعم السريع يتعرضن للرقابة والتهديد بصورة متشابهة، وأن أي محاولة لتجاوز “الخطوط الحمراء” قد تقود إلى الإقصاء أو الملاحقة. وأشار إلى أن نحو 10% من الصحفيات من دارفور تعرضن لتحرش أو تهديد جنسي بسبب عملهن الصحفي.
كما كشف البيان أن أكثر من 50 صحفية فررن من دارفور إلى دول اللجوء، لكن 95% منهن بلا وظائف مستقرة، ما دفع كثيرات إلى العمل في مجالات أخرى بعيدة عن الصحافة، رغم أن داخلهن يظل ممتلئًا بصوت يئن ولا يُسمع.
وطالب المنتدى نقابة الصحفيين السودانيين بتجاوز البيانات الرمزية، وتوثيق الانتهاكات بشكل منهجي، والمطالبة بفتح تحقيقات مستقلة. كما دعا المؤسسات الصحفية الدولية إلى توفير آليات حماية ودعم عاجلة، وإنشاء ممرات آمنة للصحفيات المهددات، وتقديم برامج دعم نفسي لمعالجة آثار العنف الجندري، بجانب توفير فرص تدريب آمنة بديلة تُمكّن الصحفيات من الاستمرار في العمل.
واختتم المنتدى تحذيره قائلاً إن بقاء الصحفيات تحت رحمة أطراف الحرب، بلا حماية ولا دعم، يعني أن العالم يخسر الحقيقة ويصمت على تغييب أصوات نسائية شجاعة تقف في الخطوط الأمامية، مشددًا على أن حماية الصحفيات في دارفور اليوم ليست مجرد تضامن مهني، بل معركة لحماية حرية التعبير وحق المجتمعات في أن تُسمع مأساتها.