متابعات دارفور : السودان
تعتمد نسبة كبيرة من العائلات السودانية على التحويلات المالية التي يقوم بها أبناؤها المغتربون لإعالة أصولهم أو أقاربهم في عوامل الحرب القاسية والظروف المعيشية شبه المعدومة.
لكن السودان يعاني توقّف الخدمات المصرفية الإلكترونية المركزية ومفتاحها الوطني الخاص بالبنك المركزي، ما يعني عدم وجود إمكانية إجراء تحويلات بين البنوك.
لذا فإن إرسال الأموال من خارج السودان يتطلب العثور على أشخاص لديهم حسابات بنكية في الخارج وإمكانية الوصول إلى النقد في الداخل، وأن تربطهم صلة قرابة أو معرفة مع الشخص الذي يتم إرسال الأموال إليه.
امتهنت العديد من الشركات نقل الأموال والتحويلات النقدية إلى السودان. احتفظ تجار الذهب والعملات الأجنبية في السودان بأموالهم خارج البنوك، حيث بالرغم من صورة المجتمع الرقمي الحديث غير النقدي، فإن الكثير من الأموال النقدية بقيت خارج النظام المالي الرسمي للبلاد.
يساهم قطع خدمات الاتصال بالإنترنت لفترات طويلة ومتكررة في زيادة خطر المجاعة، حيث يجعل من عملية التحويلات المالية ووصول الأموال من الخارج إلى الداخل مستحيلة، إضافة إلى الصعوبات الكبيرة في توظيف تلك الأموال داخلياً لسد الحاجات اليومية.
ويشرح الاستشاري في جراحة الكبد وزراعة الأعضاء، علاء الدين عوض نقد “للمشهد” عن تأثير انقطاع خدمات الإنترنت على جميع خدمات العون الإنساني والخدمات الطبية والإغاثية، قائلاً “نظراً لصعوبة الحركة فان التواصل دائماً يتم من خلال الاتصالات من خلال شبكة الإنترنت وأيضاً عمل غرف الطوارئ والاستجابة يتم من خلال مجموعات الوسائط في شبكات التواصل الاجتماعي، وجميع أو معظم عمليات الشراء للسلع الضرورية تتم من خلال التحويلات البنكية لذلك فإن انقطاع الإنترنت له تأثير سلبي ومباشر على حياة المواطنين”.
كما يشير شهاب إبراهيم إلى أن “عمليات الشراء للمواد الغذائية والأدوية تتم من خلال تطبيقات البنوك، ما يعني أن انقطاع الإنترنت سينعكس على حياة الكثيرين في ظروف هذه الحرب”.
ويقول الدكتور عوض نقد “دخل السودانيين في وضع سيئ منذ بداية الحرب نظراً لانعدام الرواتب، ويعتمد السودانيون على تحويلات المغتربين ومساعداتهم، لذلك فإن الوضع سيزداد سوءاً مع انقطاع الإنترنت”.
واهتزت الحالة الأمنية الهشة في البلاد منذ 15 أبريل الماضي، ولا سيما في دارفور والعاصمة الخرطوم، بعد اندلاع القتال العنيف بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني ما بات يؤثر على حياة معظم السودانيين بشكل مباشر.
وأدّى القتال إلى ازدياد حاجة السودانيين للمساعدات الإنسانية، وتسبب في نزوح الملايين إلى دول تشاد وإثيوبيا ومصر وجنوب السودان المجاورة، بالإضافة إلى النزوح الداخلي.
وفي أواخر أبريل، انتشرت صور لفرع بنك السودان المركزي في الخرطوم وهو يشتعل في إشارة واضحة إلى انهيار النظام المالي في البلد، الذي أغلقت العديد من مصارفه أبوابها، ما حال دون إمكانية فئة كبيرة من المواطنين الحصول على الدخل والمدّخرات والتحويلات المالية والمساعدات الإنسانية.
هذه التطوّرات أدت إلى تحوّل السودان إلى مجتمع غير نقدي تقريباً، حيث يتم دفع الرواتب الحكومية باستخدام تطبيق فوري للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ودفع فواتير الخدمات والرسوم (المياه والكهرباء والرسوم المدرسية والوقود والاتصالات والإنترنت) رقمياً، واستبدلت الكثير من المتاجر الدفع النقدي بالدفع عبر الهاتف المحمول.
كما قام برنامج دعم الأسرة الجديد الذي تقوده الحكومة بتقديم الأموال النقدية في شكل قسائم ائتمانية عبر الهاتف المحمول، وكذلك أصبحت المساعدات الغذائية الإنسانية رقمية، مع استخدام القسائم الإلكترونية وبطاقات الخصم المباشر، وزيارة الوكلاء المصرفيين لمخيمات النازحين.
كل ما سبق يشير إلى حجم الكارثة التي يعاني منها السودانيون مع كل انقطاع الاتّصالات.