عشرات القتلى بمدن العاصمة.. وتدمير أكبر مصفاة نفط في السودان

قتل العشرات في الخرطوم وأم درمان مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء، وتعرضت أكبر مصفاة نفط في السودان لدمار كامل، مع تصاعد حدة القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ومنذ الإثنين، تزايدت وتيرة الاشتباكات بشكل ملحوظ في عدة مناطق من مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، مما أدى إلى مقتل أكثر من 30 مدنيا من بينهم 3 أسر على الأقل.

وشهدت مناطق جنوب الخرطوم وأحياء وسط وغرب أم درمان اشتباكات بالأسلحة الثقيلة، وعمليات قصف أرضي وجوي عنيفة.

وقال شهود عيان ، إن 8 أفراد من أسرتين قتلوا في أم درمان بعد تعرض منزلهم لقصف جوي، مشيرين إلى “أوضاع مأساوية” يعيشها العالقون في أحياء وسط المدينة، وسط ظروف أمنية خطيرة وشح كبير في الغذاء والمياه وانقطاع التيار الكهربائي.

وأدت الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل الماضي، إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتهجير نحو 7 ملايين من منازلهم حتى الآن.

تدمير مصفاة الجيلي

ومع احتدام القتال، تتعرض المزيد من المنشآت الحيوية والخدمية والمباني الإدارية والسكنية لدمار هائل.

وفي حين لم يصدر بيان من الجيش، قالت قوات الدعم السريع، الأربعاء، إن مصفاة النفط الواقعة في مدينة الجيلي على بعد نحو 70 كيلومترا شمالي الخرطوم تعرضت لقصف بالطيران للمرة الرابعة منذ اندلاع الحرب، مما تسبب في تدميرها بالكامل.

وتعتبر مصفاة الجيلي الأكبر في السودان وتنتج نحو 100 ألف برميل يوميا وتلبي معظم احتياجات البلاد من النفط المكرر، ويتم تصدير الفائض منها عبر ميناء بشير على البحر الأحمر عبر خط أنابيب بطول 1610 كيلومترات.

وانضمت المصفاة إلى أكثر من 120 منشأة حيوية تعرضت لدمار شامل أو جزئي خلال الحرب، بينما يتبادل طرفا القتال الاتهامات بشأن المسؤولية عن ذلك.

وإضافة إلى معظم الأحياء السكنية والأسواق والمنشآت الصناعية والاقتصادية، طال الدمار الناجم عن الحرب جسر شمبات الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان، فضلا عن القصر الجمهوري الذي يبلغ عمره أكثر من 190 عاما، وأجزاء كبيرة من مطار الخرطوم الدولي، والقيادة العامة للجيش السوداني وسط المدينة.

كما تعرض أكثر من 20 مبنى ومعلم تاريخي في العاصمة للدمار بسبب القتال.

وشدد مراقبون على أن ما تشهده المنشآت الحيوية من تدمير يعتبر خسارة كبيرة للبنية التحتية في البلاد، الأمر الذي يزيد من الأعباء الاقتصادية والمالية المترتبة عن الحرب، التي قدرت بأكثر من 100 مليار دولار حتى الآن.

وقال الكاتب الصحفي وائل محجوب إن تدمير المنشآت الحيوية العامة “جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي”.

وأوضح: “استهداف المنشآت الرئيسية واحد من الجرائم الكبيرة التي لا بد أن يشملها التحقيق بواسطة بعثة تقصي الحقائق المشكّلة من الأمم المتحدة، باعتبارها من الجرائم الكبرى التي يحظرها القانون الدولي الإنساني و سيتم ملاحقة مرتكبيها وكل من له صلة بها، أوامر وتخطيطا وتنفيذا، والمحرضين عليها”.

تبادل الإتهامات

تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الأربعاء، باستهداف مصفاة الجيلي للمرة الثانية وإلحاق اضرار بالغة بالمنشأة النفطية المهمة.

واتهم المتحدث باسم قوات الدعم السريع الطيران الحربي التابع للجيش بتدمير كلي لمصفاة الجيلي إثر غارة جوية استهدفت المنشأة النفطية.

ورأى بأن عمليات التدمير الممنهج للمنشآت العامة والبنى التحتية الحيوية تؤكد وبشكل قاطع أن ما وصفها بالطغمة الفاسدة تستهدف في المقام الأول الشعب السوداني في مقدراته وممتلكاته.

لكن المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله قال في بيان إن “المليشيا المتمردة تسببت في احراق بعض مرافق مصفاة الخرطوم بالجيلي وتدمير وحدة التحكم”.

وبرأ الجيش من المسؤولية عن الحادثة قائلا ” ولاء القوات المسلحة الوطني وعقيدتها الراسخة تمنعها من ارتكاب مثل هذا السلوك البربري بتدمير المقدرات الوطنية”.

وحمل المتحدث قوات الدعم السريع والمرتزقة الذين قال إنها جلبتهم من الخارج كامل التبعات تجاه هذه الجريمة وما يترتب عليها من أضرار تلحق بالمنشأة وسكان المناطق المحيطة بها.

وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر تصاعد لأعمدة الدخان نتيجة للحرائق الهائلة التي اندلعت في أجزاء من الموقع النفطي، كما بثت منصات تابعة لقوات الدعم السريع صورا اظهرت دمارا هائلا في مركز التحكم داخل المصفاة.

وسبق أن تعرضت مصفاة الجيلي الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع للاستهداف أكثر من مرة آخرها في السابع من نوفمبر المنصرم عندما اندلع حريق ضخم في مقر شركة النيل للبترول داخل المصفاة نتيجة لعملية عسكرية تبادل طرفا النزاع المسلح الاتهامات بتنفيذها.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد