220 يوم من حرب السودان: مخاوف من التقسيم و التفتت

السودان : إنعام النور

أدت سبعة أشهر من الحرب المتواصلة في السودان إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخليا وإلى دول الجوار، وجعلت احتمال التقسيم خطرا محدقا ببلاد كانت تعاني أساسا من الصراعات.

ومع تواصل المعارك والنزاع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يخشى خبراء أن يتكرر في السودان “السيناريو الليبي”، في إشارة إلى الفوضى التي تعم الجار الشمالي الغربي، حيث تتنازع حكومتان السلطة، إحداهما في طرابلس معترف بها من الأمم المتحدة والثانية في الشرق يقودها الجنرال خليفة حفتر المدعوم من أطراف إقليمية.

في السودان، سيطرت قوات الدعم السريع على مناطق في الخرطوم، وإقليم دارفور (غربا). في المقابل، تحصن أعضاء الحكومة وقادة الجيش في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر بشرق البلاد، التي بقيت في منأى عن المعارك التي اندلعت في 15 نيسان/أبريل.

ولا يبدو أي طرف مستعدا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا أن أيا منهما لم يحقق تقدما حاسما على الأرض ومطلع الشهر الجاري، فشلت جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق.

ولم تفلح جولات التفاوض المتعددة سوى في إبرام وقف موقت للمعارك التي كانت سرعان ما تستأنف بمجرد انتهاء المهل و يثير فشل الوساطات الدولية المتعددة مخاوف من أن يفضي استمرار الوضع على حاله لفترة طويلة إلى تقسيم السودان.

وقال خالد عمر يوسف الناطق باسم قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية التي كانت شريكة في الحكم مع الجيش قبل انقلاب البرهان ودقلو عليها في تشرين الأول/أكتوبر 2021، “إن استمرار المعارك يمكن أن يؤدي إلى سيناريوهات مرعبة من بينها التقسيم”.

وأضاف “موجة التسليح المتصاعدة (للمدنيين) تعمق الشروخ الاجتماعية في السودان”.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، وفق تقدير لمنظمة “أكليد” يعتقد على نطاق واسع أنه أدنى من الحصيلة الفعلية.

كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من ستة ملايين شخص، وتدمير معظم النية الأساسية في السودان الذي كان يعد حتى قبل اندلاع النزاع من أفقر بلدان العالم.

هجوم في دارفور

واشتد أوار المعارك في عدد من مدن إقليم دارفور غربي البلاد، ففي الحادي والثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفرقة 21 مشاة التابعة للجيش بمدينة (زالنجي) وسط دارفور.

وبعد معارك ضارية استمرت أكثر من أسبوعين، أعلنت قوات الدعم السريع، في السادس والعشرين من أكتوبر، سيطرتها على الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش بمدينة نيالا بجنوب دارفور.

كما أعلنت في الرابع من نوفمبر/تشرينة الثاني الجاري الاستيلاء على الفرقة 15 مشاة التابعة للجيش بمدينة الجنينة بغرب دارفور، وفي الحادي والعشرين من الشهر ذاته، أعلنت سيطرتها على الفرقة 20 مشاة التابعة للجيش بمدينة الضعين بشرق دارفور.

ومنذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، تواترت التقارير عن مذابح جديدة في دارفور في ظل هجوم واسع النطاق لقوات الدعم التي أعلنت السيطرة على قواعد الجيش في المدن الكبرى في الإقليم.

في مدينة أردمتا (غرب دارفور)، قتل مسلحون 800 شخص وتم تدمير 100 مأوى في معسكر للنازحين، ما دفع ثمانية آلاف شخص للفرار إلى تشاد المجاورة خلال أسبوع واحد، وفق الأمم المتحدة.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن “صدمته” من سقوط “حوالي ألف قتيل” في زهاء يومين في أردمتا في ما يبدو حملة “تطهير عرقي”.

ويعتقد الخبراء أن تلك الأرقام تبقى ما دون الفعلية بسبب انقطاع شبكات الاتصالات بشكل شبه كامل جراء القتال.

ومنذ بداية النزاع، أحصت الأمم المتحدة أكثر من 1,5 مليون نازح داخل إقليم دارفور الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغون 48 مليونا.

بين الخرطوم ودارفور

ويرى المحلل السياسي عمر الطيب أن قيادة الدعم السريع أعلنت الأهداف السياسية والعسكرية للحرب منذ اليوم الثاني لاندلاعها في منتصف أبريل/نيسان الماضي في الخرطوم بالقبض على القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ومحاكمته والسيطرة على المقار الرئيسية للجيش، أي الاستيلاء على السلطة.

وحسب حديث المحلل السياسي للجزيرة نت، فإن فشل الأهداف السياسية والعسكرية في الخرطوم، دفع قيادة الدعم السريع إلى نقل الحرب إلى دارفور من أجل استخدامها ورقة ضغط لضمان مستقبل سياسي في المرحلة المقبلة، لأنها تدرك أن دمج قواتها صار واقعا، وتريد أن تحجز مقعدا سياسيا بالأصالة، وليس الوكالة عبر حلفاء.

وتوقع المحلل نفسه أن تفلح قيادة الدعم السريع باستخدام ورقة دارفور في العودة إلى الخرطوم عبر طاولة المفاوضات بعدما فشل مشروعها العسكري في الاستيلاء على السلطة بالقوة. ويرى الطيب أن قوى إقليمية استثمرت سياسيا وعسكريا في الدعم السريع ستعمل على منحه دورا سياسيا في المرحلة المقبلة.

قصف الجسور وتبادل الاتهامات

وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم تطورات متسارعة خلال الأسابيع الستة الماضية، ففي السابع من نوفمبر، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بقصف مصفاة الخرطوم للبترول بالخرطوم بحري شمالي العاصمة بالطيران الحربي، بينما عزا الجيش الحادثة إلى اندلاع حريق بسبب انفجار ناقلة وقود تابعة للدعم السريع.

وفي صبيحة الحادي عشر من نوفمبر، استيقظ السودانيون على صور تُظهر تدميرا جزئيا لجسر (شمبات) الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان وتبادل للاتهامات، حيث اتهم الجيش الدعم السريع بتدمير الجسر، ‏بينما اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بتدبير الحادثة. والجسر الذي أنشئ في العام 1966 سيطرت عليه قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب، وهو خط إمدادها الرئيسي بين قواتها المتمركزة في مناطق سيطرتها بمدن العاصمة الثلاث.

وفي منطقة جبل أولياء جنوبي العاصمة الخرطوم، تجددت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث قالت في الثاني عشر من نوفمبر إنها سيطرت على قاعدة النجومي العسكرية التابعة للجيش بالمنطقة، بينما ‏نفى الجيش ذلك.

وفي ظل تواصل المعارك بين الطرفين، اتهم الجيش في الثامن عشر من نوفمبر قوات الدعم السريع بتدمير جسر خزان جبل أولياء “جزئيا” الرابط بين منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم ومدينة أم درمان.

من جانبها، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بالتورط في الحادثة، بينما أعلنت قوات الدعم السريع في العشرين من نوفمبر سيطرتها على قاعدة جبل أولياء العسكرية التابعة للجيش وجسر الخزان.

محادثات جدة

وفي التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، انطلقت جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع بمدينة جدة السعودية، وبعد 10 أيام من المفاوضات أصدرت السعودية وأمريكا و”إيغاد” بيانا مشتركا في السابع من نوفمبر الجاري.

وأُعلن في البيان عن اتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إنشاء آلية تواصل بين قادة الطرفين واحتجاز الهاربين من السجون وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية كإجراءات لبناء الثقة، والالتزام بإنشاء آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإنسانية، وعبَّر الميسرون عن أسفهم لعدم تمكن الطرفين من الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

جولات خارجية

وبدأ رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان جولة خارجية جديدة مع اقتراب الشهر الثامن للحرب، ففي الثالث عشر من نوفمبر، ‏عقد البرهان والرئيس الكيني وليام روتو جلسة محادثات في نيروبي، واتفقا على ضرورة عقد قمة عاجلة لمنظمة الإيغاد لبحث تسريع مفاوضات جدة لوقف الأعمال العدائية بالسودان.

وجدد البرهان عقب لقائه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في الخامس عشر من نوفمبر، تعاون الحكومة السودانية مع جميع المبادرات لإيجاد حلٍ للأزمة السودانية. من جانبه، أكد أبي أحمد أهمية تكامل المبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية.

وفي سياق العلاقات الخارجية للسودان، أعلنت وزارة الخارجية في التاسع من أكتوبر الماضي، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران.

إعفاء أعضاء بمجلس السيادة

وفي تطور لافت، أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في الثالث من نوفمبر مرسوما بإعفاء عضو المجلس ورئيس حركة تحرير السودان-المجلس الانتقالي الهادي إدريس من منصبه، كما أصدر في العشرين من نوفمبر مرسوما دستوريا بإعفاء عضو مجلس السيادة رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر من منصبه.

تقسيم السودان

وتخشى دوائر سياسية وناشطون من صدام بين قوات الدعم السريع وحركات مسلحة في دارفور في الفاشر على أساس إثني، حيث تعتبر الحركات التي تستند على مكونات غير عربية ولاية شمال دارفور معقلها ومركز ثقلها الاجتماعي، وقررت خوض أي معركة للدفاع عنها.

و قال البرهان خلال كلمته في أعمال القمة السعودية الإفريقية بالعاصمة الرياض في العاشر من نوفمبر، إن إشعال الفتن القبلية والحرب على أساس عرقي هما أحد أساليب القوات المتمردة، على حد وصفه.

من جانبه، اتهم قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، ‏في فيديو مسجل بُث بتاريخ 14 نوفمبر، ما وصفهم بفلول النظام السابق بالترويج لدعاية “خطيرة” تفيد بأن “سيطرة قواتنا على دارفور تمهيد لتقسيم السودان”، مؤكدا أنهم يعملون “من أجل سودان واحد موحد”.

ومن جانبه، يقول جبريل إبراهيم “قررنا الدخول في الحرب للدفاع عن المدنيين الذين يتم الاعتداء عليهم في السودان بصفة عامة ودارفور بصفة خاصة، حيث التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية، حيث يدفن الناس أحياء في الجنينة أو مكبلين كما في نيالا”. ويضيف “الخطر الآن ليس انتقال الحرب لدارفور، بل انقسام البلاد على غرار النموذج الليبي وهو ما لا يمكن أن نسمح به”.

ويعتقد إبراهيم أن قوات الدعم السريع تتجه إلى خطتها البديلة وهي تقسيم البلاد بعد فشل السيطرة على العاصمة، ولفت إلى أنه بعد تمددهم في مدن الإقليم مثل نيالا والجنينة وزالنجي يتوعدون الفاشر التي تؤوي النازحين من مناطق دارفور التي تأثرت بالحرب، متوعدا بالقتال “لحماية المدنيين”.

وفي المقابل، عدّ المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، يوسف عزت، السيطرة على الفرقة 20 مشاة للجيش في الضعين “انتصارا كبيرا” لا يكتمل إلا بتحرير كامل السودان سلما أو حربا من قبضتهم.

ودعا يوسف عزت لحماية مجتمع دارفور من الانقسام والعنف القبلي بعدما دفع شعب الإقليم ثمنا غاليا من الأرواح خلال العقود السابقة وهزيمة مخططات الفلول (أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير).

وحذر في تغريدة عبر منصة “إكس” أمس الثلاثاء من وصفهم بـ”بعض أبناء دارفور الذين يريدون تنفيذ السياسات القديمة لصالح الفلول”، ودعا إلى عدم جر دارفور إلى صراعات جديدة، ورأى أن باب الحوار لا يزال مفتوحا لتجنيب الإقليم أي شكل من أشكال العنف.

إنهاء حالة الحياد

وفي تطور لافت، أعلنت حركة تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، في السادس عشر من نوفمبر، إنهاء حالة الحياد من طرفي الحرب ومشاركتها إلى جانب الجيش في الحرب.

في المقابل، أعلن رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي عضو مجلس السيادة السابق الهادي إدريس ورئيس تجمع قوى تحرير السودان عضو مجلس السيادة السابق الطاهر حجر ونائب رئيس التحالف السوداني وزير الثروة الحيوانية السابق حافظ عبد النبي، في بيان مشترك في الثامن عشر من نوفمبر، تمسكهم بموقف الحياد تجاه طرفي الحرب والسعي لإيقافها عبر الطرق السلمية.

شر مطلق

وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن العنف في السودان بلغ مرحلة “الشر المطلق”، وأعربت عن قلقها خصوصا من هجمات على أساس عرقي في دارفور.

وفيما يقاتل الجيش في مختلف أنحاء السودان، اتخذ قائده البرهان وحكومته من بورتسودان مقرا لقيادتهم، ما غذى الخشية من تقسيم البلاد.

ويرى المحلل السوداني فايز السليك أن الفشل في التوصل إلى حل سياسي يمكن أن يقود إلى وضع مشابه للوضع في ليبيا “مع وجود أكثر من حكومة لا تملك أي منها فعالية حقيقية وغير معترف بها دوليا”.

ورغم أن الخبراء يرون أن دقلو قادر على الاعتماد على حلفاء وازنين مثل الإمارات، فإن البرهان حافظ على مكانته كرئيس فعلي للدولة في المحافل الدولية ويشارك في اجتماعات الأمم المتحدة والجامعة العربية.

ورأى السليك أن التقدم الكبير الذي حققته قوات الدعم السريع في دارفور “يعطيها ميزة نسبية ويمكنها من التحرك داخل قواعدها”، وذلك في إشارة إلى القبائل العربية في الإقليم.

ذلك أن الفصائل العربية المسلحة المعروفة بـ”الجنجويد” تشكل عماد قوات الدعم السريع، وهي التي قامت مطلع القرن الحالي تحت قيادة دقلو، بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في دارفور لصالح الرئيس السابق عمر البشير، من خلال حرق ونهب ممتلكات الاثنيات غير العربية واغتصاب النساء.

مهمة شاقة

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير المتهم بارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في دارفور. وتحذر المحكمة اليوم من تكرار السيناريو نفسه.

وعلى رغم تقدم قوات الدعم في دارفور، فإن فرص تحقيق أي طرف نصرا عسكريا حاسما على الآخر تبدو ضئيلة، بحسب ما قال لوكالة الأنباء الفرنسية خبير عسكري طلب عدم الكشف عن هويته.

وأوضح: “حتى لو تمكن الجيش من استعادة السيطرة على الخرطوم، وهي مهمة شاقة، فسيكون من الصعب جدا من الناحية اللوجستية إرسال قوات لاستعادة أجزاء من دارفور”، إذ يفصل 1200 كيلومتر بين العاصمة ومدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور قرب الحدود مع تشاد.

في الخرطوم، استيقظ السكان قبل نحو عشرة أيام على خبر صادم: تفجير جسر “شمبات” الذي يربط بين ضاحيتي العاصمة بحري وأم درمان.

وفي حين تبادل طرفان النزاع الاتهامات بشأن تدمير الجسر، رأى خبراء أن قوات الدعم فقدت بخسارة الجسر خط إمدادها الرئيسي من وسط السودان.

مساعي جوبا

على صعيد التحركات السياسية، يلتقي وفد تحالف “قوى الحرية والتغيير” الذي يزور مدينة جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، اليوم الأربعاء، الرئيس سلفاكير ميارديت، في إطار مساعي البحث عن وقف الحرب بالسودان.

وكان الوفد التقى، أمس الثلاثاء، بآلية وساطة جنوب السودان برئاسة توت قلواك، مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومقررها ديو مطوك.               

وأكد قلواك، مواصلة قيادة جنوب السودان مساعيها بالتنسيق مع أطراف المجتمع الدولي والإقليمي لوقف الحرب واعتماد خيار الحل السلمي التفاوضي للأزمة في السودان.

وأوضح بيان للجنة الإعلامية للتحالف أن “الوفد طرح رؤيته لوقف الحرب والمساعي التي بذلها من أجل تحقيق هذا الهدف، إلى جانب انخراطه في جهود بناء أوسع جبهة مدنية لمناهضة الحرب واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي”.

صدمة أممية

بدوره عبر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بدارفور، طوبي هاورد، عن صدمته من حجم الدمار الذي لحق بوسط الجنينة وفراغ مناطق المساليت السكنية من أهلها. وقال هاورد، “خلال زيارته مدينتي الجنينة وزالنجي لأول مرة منذ اندلاع الحرب، شعرت بالغضب لنهب وتدمير مراكز الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية والخدمات العامة”.

وأعرب المنسق الأممي عن قلقه البالغ تجاه وضع النازحين الجدد من معسكرات “الحصاحيصا” في زالنجي، وأردمتا وحي الشاطئ في الجنينة، مبدياً تفاؤله رغم ذلك بعودة الأسواق إلى الحياة ورجوع عدد قليل من الناس إلى ديارهم.

على صعيد آخر، ورداً على قرار إعفائه من عضوية مجلس السيادة الانتقالي، أصدر الطاهر حجر، عضو المجلس عن أطراف اتفاق جوبا لسلام السودان، بياناً أعلن فيه عدم اعترافه بقرار إعفائه بواسطة قائد الجيش، مشككاً بدستورية وقانونية القرار، ومخالفته لنصوص “اتفاق جوبا”.

وجدد الطاهر حجر موقفه الرافض للحرب المتمسك بالحياد بحكم مسؤولياته الدستورية والوطنية، مؤكداً مواصلته القيام بواجباته مع بقية أعضاء مجلس السيادة الشرعيين (قبل انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021)، والعمل مع أطراف النزاع والقوى المدنية والأطراف الدولية لوقف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.

ووجه العضو المقال، رسالة إلى قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، بأن الطريق والنهج الذي يمضي فيه، والنهج الذي يتبعه، “لن يقود إلا لمزيد من هلاك الأنفس وخراب ودمار البلاد”، داعياً إياه إلى “فك ارتباطه بأجندة النظام البائد والتفاوض من أجل اتفاق حقيقي وشامل”.

قلق أممي حول تجنيد الأطفال و إستخدامهم في الحرب

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» تلقيها مزيداً من التقارير المثيرة للقلق حول تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب الدائرة بالسودان.

وكشفت معلومات عن تجنيد نحو 8 آلاف طفل في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي ويعاني آلاف الأطفال من الآثار المدمرة للحرب وتوقف الدراسة في البلاد بعد سبعة أشهر من القتال دمرت خلالها المئات من المدارس.

وقالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة، في تصريح صحفي صدر الثلاثاء، إن العدد المبلغ عنه من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل في دارفور ارتفع بنسبة 450 % مقارنة بالعدد الذي تم التحقق منه في عام 2022 بأكمله و قالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل، إن السودان، ودارفور على وجه الخصوص اصبحت ‘جحيماً حياً لملايين الأطفال”، حيث يتم استهداف الآلاف عرقياً وقتلهم وجرحهم وإساءة معاملتهم واستغلالهم. ويجب أن ينتهي هذا الأمر”.

وأردفت: “يعانون من عنف جديد، في حين لا يزال آباؤهم وأجدادهم يحملون ندوب دورات العنف السابقة. ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى. ويجب على جميع أطراف النزاع احترام القانون الدولي وحماية الأطفال والمدنيين، الأطفال بحاجة إلى السلام”.

ووصلت الأزمة الإنسانية المتصاعدة في السودان خلال الأشهر السبعة الماضية إلى مرحلة قاتمة في دارفور، حيث يواجه ما لا يقل عن 5 ملايين طفل الحرمان الشديد من حقوقهم ومخاطر الحماية بسبب الصراع المستمر.

ومن بين جميع حوادث القتل والتشويه المبلغ عنها في جميع أنحاء السودان، فإن 51 % منها تتعلق بأطفال في دارفور، وبالإضافة إلى ذلك، وإن 48 % من إجمالي حالات العنف الجنسي المبلغ عنها في السودان تحدث في دارفور وفق المنظمة الدولية.

ويعاني أكثر من 1.2 مليون طفل دون سن الخامسة في ولايات دارفور من سوء التغذية الحاد، ويواجه 218,000 منهم سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أكثر أشكاله فتكاً.

وقالت المنظمة، إنه مع التصاعد الأخير في القتال وعمليات النزوح الكبيرة في المنطقة، بلغ عدد النازحين الجدد 1.7 مليون شخص في دارفور، أي ما يقرب من 40% من إجمالي عدد الحالات في البلاد، وما يقرب من نصفهم من الأطفال. ويواجه الأطفال النازحون مخاطر متزايدة تتمثل في سوء المعاملة والعنف والاستغلال والانفصال عن مقدمي الرعاية لهم بحسب المنظمة.

وأكدت في ذات الأثناء انهيار الخدمات الحيوية في دارفور، بما في ذلك الرعاية الصحية والحماية، بسبب عرقلة الوصول والنهب ونقص الموارد المالية، والتي تفاقمت بسبب الهجمات على العاملين في الخطوط الأمامية.

وذكرت أن الممرضين والمعلمين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين لم يحصلوا على رواتبهم منذ أشهر، كما تعرضت البنية التحتية الحيوية، مثل أنظمة المياه والصرف الصحي والمستشفيات، للضرر أو الاستنزاف.

وقالت المنظمة إن في خضم الصراع المتواصل، والذي يمتد إلى ما هو أبعد من الدمار المباشر والخسائر في الأرواح، يتعرض جيل من الأطفال في دارفور لخطر فقدان حقهم في التعليم، مع إغلاق جميع المدارس الرسمية في المنطقة تقريباً، والتي يبلغ عددها 4000 مدرسة.

ولفتت إلى أن هناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكررت دعوتها لجميع الأطراف المشاركة في النزاع إلى احترام القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، والوصول دون قيود وإزالة العوائق البيروقراطية التي تحد من السرعة والنطاق المطلوبين للوصول إلى ملايين الأطفال الضعفاء وعائلات في جميع أنحاء السودان.

وتؤشر الأرقام المتوافرة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» لمقتل أكثر من 435 طفلاً وإصابة ما لا يقل عن 2025 خلال النزاع بين الطرفين.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد