“الدعم السريع” سحب دخانية تحجب رؤية أهل دارفور


متابعات دارفور: إنعام النور

يشهد إقليم دارفورغرب السودان معارك عنيفة ومتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، تسبّبت في موجة نزوح كبيرة من المدن والقرى الواقعة داخل نطاق الاشتباكات نحو الحدود التشادية ، وسط تحذير منظمات الأمم المتحدة من توسيع دائرة الحرب في الإقليم وتأثيرها المباشر على المدنيين.

ومنذ اندلاع القتال بين الجيش الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان ، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي) في 15 إبريل الماضي، قُتل الآلاف واضطر أكثر من 5.7 ملايين شخص لمغادرة منازلهم ، فيما هناك 25 مليوناً ، أي أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ووسعت قوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية من هجماتها على مدن الجنينة وزالنجي والفاشر بعد سيطرتها على مدينة نيالا، وأعلنت في مقطع فيديو بثته في 4 نوفمبر سيطرتها على قيادة الفرقة 15 مشاة بمدينة الجنينة إذ يعد هذا أول مواجهة لها مع قوات الجيش بالجنينة ، وقالت على حسابها بموقع “إكس” (تويتر سابقاً) إنها “حررت الفرقة 15 وحسمت الفلول والانقلابيين غربي دارفور”. 

و في الوقت الذي يواجه فيه المدنيين في دارفورأحد أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث ، يصور الجانبان نفسيهما صانعي سلام في المفاوضات في السعودية ، ونشرت قوات الدعم السريع الاثنين الماضي مقطع فيديو لقائدها دقلو الذي ظل بعيدا عن الأنظار طوال النزاع ، ألقى فيه باللوم على البرهان في الحرب وهنأ قواته ب”انتصاراتها” في دارفور وكردفان.

تقاسم النفوذ:

و تتقاسم قوات الجيش و الدعم السريع مناطق النفوذ في هذا الاقليم الذي اختبر سنوات سوداء مريرة من الاقتتال ، وبالسيطرة على مقر الجيش في الجنينة غرب دارفور، تكون قوات الدعم السريع قد أحكمت قبضتها على ثلاث مدن رئيسية من جملة خمس مدن في إقليم دارفور، وهي زالنجي في الوسط ونيالا في الجنوب اللتان أعلنت السيطرة عليهما الأسبوع الماضي ، إضافة إلى الجنينة في الغرب .

و في الوقت نفسه تحاصر قوات “الدعم السريع” مدينة “الفاشر” عاصمة إقليم شمال دارفور، وذلك بعد أيام قليلة من إعلانها السيطرة على مدينة “نيالا” بولاية جنوب دارفور “الاستراتيجية” وإلحاقها بمدينة “زالنجي” عاصمة وسط دارفور، وسيطرتها الفعلية على مدينة “الجنينة” عاصمة غرب دارفور وحال سقوط مدينة «الفاشر»، فإنها تكون قد أكملت السيطرة على الإقليم الاستراتيجي ، وفتحت لنفسها طرق إمداد لا يستطيع الجيش السوداني السيطرة عليها.

وأشار مراقبون إلى أنه مع سيطرة الدعم السريع على الولايات في دارفور بصورة مطّردة وسط توقعات بتزايدها وفي ظل هكذا أوضاع ، يدخل المفاوض العسكري لمنبر جدة محاطاً بالألغام من كل جانب ، بالتالي فإن أي شكل خاطئ من أشكال المخرجات سيكون له تبعات كارثية تهدد استقرار السودان وبقاءه كدولة وفق ما كان سائداً قبل 15 إبريل الماضي.

كردفان الخطوة التالية:

وينتظر وفقاً لمحللين سياسيين أن تتجه قوات «الدعم السريع» بعد الفراغ من إقليم دارفور إلى مدينة «الأبيض» ، حاضرة ولاية شمال كردفان – وسط غرب السودان – والتي تحاصرها من كل الجهات بعد استيلائها على كافة «محليات الولاية» ولم يتبق لها سوى «وسط الأبيض» الذي تسيطر عليه قوات «الهجانة.»

والمثير للدهشة أن الجيش السوداني ظل صامتاً رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها ويتكبدها جراء سقوط قواعده العسكرية في دارفور، فيما اكتفى مؤيدوه على وسائل التواصل الاجتماعي بإنكار سقوط تلك القواعد المهمة، قبل أن يعودوا ليعترفوا بخسارتها ، ولا يعرف على وجه الدقة ، ما إن كانت «الدعم السريع» تحاول تقوية موقفها التفاوضي في مباحثات مدينة «جدة» السعودية باستيلائها على إقليم دارفور والتوجه شرقاً ، أم أنها تسعى لإلحاق هزيمة كاملة بالجيش السوداني ، فهي تسيطر على ولاية الخرطوم ميدانياً ، وتحتفظ بكافة الوحدات العسكرية التي انتزعتها من الجيش ، وتهاجم بشكل شبه يومي – وإن قلّت المواجهات المباشرة أخيراً – المواقع العسكرية التي لا يزال الجيش يسيطر عليها .

تهجير قسري:

من جهتها كشفت كتلة ثوار ولاية غرب دارفور في بيان في 1 نوفمبر الحالي، أن الدعم السريع  تواصل التهجير القسري للمدنيين و تستهدف المواطنين الأبرياء و ليس فقط الفرقة 15 مشاة و أشارت إلى أن مجموعة من المدنيين تعرضوا لإنتهاكات جسيمة الأسبوع الماضي من قبل الدعم السريع ، أثناء سيرهم في الطريق على الأقدام نحو تشاد بحثا عن المأوى والسلامة .

و سقط العشرات من القتلي و الجرحي جراء الاشتباكات بين الجيش و الدعم السريع بالجنينة وقالت مصادرإن هناك عمليات نزوح متواصلة منذ يومين من المدينة نحو مدخل منطقة أدري التشادية الحدودية والمدنيون في ظروف مأساوية جداً” ومنطقة أدري تضم الآلاف أصلاً من نازحي دارفور نتيجة المعارك السابقة.

كما أن هناك موجة نزوح من معسكري نيفاشا وأبوجا بمدينة الفاشر غربي دارفور، بسبب تخوفهم من القذائف والاشتباكات المتزايدة، وقد كان هؤلاء النازحون يقطنون أصلاً في معسكرات قرب المدينة

وجراء توسع المعارك أعلنت حركة التحالف السوداني (مسلحون سابقون موقعون على سلام مع الحكومة) عن مقتل عدد من عناصرها في معركة ضد قوات الدعم السريع، خلال هجومها على قيادة الفرقة 15 بمدينة الجنينة يومي 3 و4 نوفمبر الحالي.

وأكد رئيس التحالف البخاري أحمد في بيان أمس السبت ، أن هناك هجوماً متواصلاً من الدعم السريع على ولاية غرب دارفور، متهماً إياها بارتكاب الجرائم وعمليات النهب وسرقة الممتلكات واغتصاب النساء واستهداف مجموعات قبلية بعينها، لتهجيرها من مناطقها.

 موقف الحركات المسلحة:

وكشفت مصادر أن موقف الحركات المسلحة متذبذب ، فبعضها انحاز إلى قوات الدعم السريع علنا ، وبعضها لا زال مترددا في دعمه لها صراحة ، وبعض الحركات التي بدت قريبة من الجيش تحاول أن تقفز بعيدا عنه، بعد أن اكتشفت أنها في سلة واحدة مع نظام عمر البشير ، ويمكن أن تفقد ما حققته من مكاسب بعد سقوط نظامه ، وقد تجد نفسها أمام مشاهد مكررة إذا قدر للفلول تحقيق انتصار عسكري ، وهو أمر مستبعد بحكم الواقع الميداني الحالي .

وأكدت المصادر ذاتها أن بعض الحركات المسلحة المنحدرة من إقليم دارفور ، والتي وقفت على الحياد منذ اندلاع الحرب ، تواجه مأزقا سياسيا إذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض  سيطرتها الكاملة على الإقليم بعد انتصاراتها العسكرية ، لأنها يمكن أن تتعرض لضغوط أو تخوض مواجهة مع قوات الدعم إذا لم تتمكن من تغيير موقفها

وتوقّعت المصادر حدوث تغييرات في بينة بعض الحركات المسلحة قد تقود إلى المزيد من الانشقاقات داخلها ، بسبب تباين المواقف من الجيش وقوات الدعم السريع ، فهناك قيادات تريد الرهان على الثانية بعد تفوقها عسكريا في دارفور ، ومع التوصل إلى تسوية سياسية سوف تكون قوات الدعم السريع رقما مهما في السودان ، على عكس قيادات الجيش وعلى رأسها عبدالفتاح البرهان الذي سيكون مستقبله العسكري والسياسي غامضا.

وبرزت في الفترة الأخيرة مواقف لافتة لبعض الحركات المسلحة لاسيما في إقليم دارفور، على غرار حركة تحرير السودان التي أكد زعيمها وحاكم الإقليم مني أركو مناوي إنه على تواصل مع “الإخوة” في قوات الدعم السريع.وقبلها بأيام كانت حركة تحرير السودان جناح مناوي وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم تبرأتا من بيان للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وصف قوات الدعم السريع بـ”الميليشيا المتمردة” ودعا “لمحاسبتها.

وقالت الحركتان في بيان مشترك إن بيان الحركات التي شاركت في ملتقى جوبا التشاوري لم تتم مناقشته وتطويره بواسطة جميع التنظيمات التي وردت أسماؤها في نهايته. وأكدت الحركتان أن البيان صدر في توقيت غير مناسب ولا يدعم مساعي حل الأزمة الوطنية ووقف نزيف الدماء، وتابعتا “عليه نؤكد أن البيان لا يمثلنا وننتهز الفرصة السانحة لندعو الجميع إلى إعلاء روح العمل المؤسسي تعزيزاً للتحالفات وترقية للممارسة السياسية في هذا الظرف الحرج من تاريخ السودان.”

ويرى متابعون أن هذه المواقف تعكس بداية تحول حيال ما يجري في السودان، وأن الحركات المسلحة تتابع باهتمام شديد الوضع الميداني، الذي ستبني عليه في الأخير توجهاتها خلال الفترة المقبلة.

وتبدو القوى المدنية أقل حذرا حيال ذلك ولا تخفي بعض قياداتها تقاطعا إلى حد كبير مع قوات الدعم السريع، وهو ما ظهر في تصريحات القيادي البارز في تحالف الحرية والتغيير ياسر عرمان ، الذي أعرب الأسبوع الجاري عن أمله في أن تنجح قوات الدعم السريع في توظيف ما حققته لأهداف إستراتيجية بعيدة المدى، في إشارة إلى تحييد النظام السابق.

وتلتقي القوى المدنية مع قوات الدعم السريع في الموقف من النظام السابق ، ويحمل الطرفان ما أسمتهم ب “الفلول” المسؤولية عن نشوب الحرب الجارية منذ الخامس عشر من أبريل بغية خلط الأوراق والعودة إلى الساحة مجددا. 

ويرى محللون أن القوى المدنية وإن كانت تحرص على إظهار أنها المعادل الثالث في المشهد السوداني وهي تعمل لتحقيق هذا الهدف عبر تشكيل جبهة موسعة، فإنها في واقع الأمر هي أقرب إلى قوات الدعم السريع.

العاصمة البديلة مهدد لتجزئة السودان:

ولكن الراجح وفقاً للمحللين فإن سيطرة قوات «الدعم السريع» على المدن المهمة في دارفور – خاصة نيالا – تتيح لها مجال مناورة واسعاً ، كما تتيح لها الحصول على الإمداد البشري من محيطها الاجتماعي ، باستخدام الحدود بين دول الجوار غير الصديقة للجيش السوداني ، ومطار نيالا الدولي ، مثلما تتيح لها فرصة إعلان «حكومة» في دارفورعلى قرار النموذج الليلي ، وأسوة بالحكومة التي انتقلت من الخرطوم لبورتسودان بوصفها عاصمة بديلة ، ما يهدد بتجزئة البلاد إلى كانتونات يسيطرعليها هذا الطرف أو ذاك، وهو الأمر الذي حذرت منه «الجبهة المدنية»، الشهر الماضي.

وكان قائد ثاني قوات «الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، قد ذكر من داخل الفرقة 21 زالنجي بعد الاستيلاء عليها، ما أسماه «انتهاء تاريخ الكيزان»، وتدمير قوات «الدعم السريع» أكثرَ من 1300 دبابة و56 طيارة حربية، وقال إن قواته حريصة على عدم قتل أبناء الشعب السوداني، وفي الوقت ذاته، طالب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعدم التلاعب بأرواح الجيش، وأضاف: «(الدعم السريع) ترك للجيش بوابة وادي سيدنا، فاتحة للهروب، ويجب عليهم الخروج قبل فوات الأوان ، وهي إشارات إلى أن «الدعم السريع» تنوي السيطرة على كامل البلاد، لا سيما أنها دأبت على ترديد أنها تقاتل الإسلاميين وليس الجيش السوداني، وأنها تسعى لاسترداد الانتقال المدني الديمقراطي وتسليم السلطة للمدنيين ، بعد هزيمة ما تسميه “جيش الكيزان”.

اليونيتامس تحذر:

“عبرت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان – الموظفة المسؤولة عن بعثة “اليونيتامس” الأممية – المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية بالسودان كلمينتين نكويتا سلامي – عبرت عن “بالغ قلقها” إزاء التصعيد العسكري في دارفور وتأثيره على المدنيين” “وقالت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في بيان صحفي أمس الخميس: “إنني أشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن المدنيين عالقون في شرك القتال الدائر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في دارفور، في سياق التوترات القبلية المتصاعدة، مما يذكّر بالأحداث التي وقعت في الجنينة في دارفور في حزيران/يونيو الماضي”.

“وأضافت المسؤولة الأممية: “عقب استئناف الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ يوم الخميس الماضي تأثر المدنيون بشدة في مدن نيالا والجنينة والفاشر وزالنجي في إقليم دارفور، حيث شُرّد آلاف الأشخاص، وسقط كثيرون بين قتيل وجريح، ودُمرت ممتلكات المدنيين.

ودعت سلامي جميع أطراف النزاع في السودان إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين خلال الأعمال العدائية.” “وقالت المسؤولة الأممية إن أهل دارفور “عانوا بما فيه الكفاية”.

وأضافت: “يجب السماح للمدنيين بمغادرة المناطق المتضررة من النزاع بأمان ودون عوائق ، وذكرت في الوقت نفسه انه “في الوقت الذي يُعلّق فيه الكثير من الأمل على محادثات جدة لتحقيق وقف مستدام لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، فإنني أدعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن تصعيد النزاع وتوسيع نطاقه.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن الخسائر التي يلحقها هذا الصراع بالمدنيين “لا يمكن تصورها” و “يجب أن يتوقف القتال، ويتعين على أطراف النزاع ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية إلى ملايين الأشخاص في السودان الذين هم في أمس الحاجة إليها” – أردفت سلامي” “وحسب إحصائيات الأمم المتحدة، قُتل الآلاف خلال الحرب بين الجيش والدعم السريع منذ نيسان/أبريل الماضي، واضطر أكثر من (5.7) مليون شخص إلى مغادرة منازلهم، في حين يحتاج (25) مليون شخص –أي أكثر من نصف السكان– إلى مساعدات إنسانية في السودان.

لا اتجاه للانفصال

ويقول مستشار قائد الدعم السريع الباشا محمد طبيق إن سيطرتهم على نيالا ضمن “الخطة العملياتية” لتحرير عدد من المواقع العسكرية، ومنها السيطرة على بعض رئاسات الفرق العسكرية للجيش في الولايات خلال الأيام المقبلة.

وعن اتجاههم إلى دارفور بعد يأسهم من الاستيلاء على السلطة في الخرطوم، يقول طبيق للجزيرة نت إنهم يسيطرون على أكثر من 90% من الخرطوم، ويحاصرون مقر قيادة الجيش ومقري سلاح الإشارة في الخرطوم بحري والمهندسين في أم درمان، كما يحاصرون الفرقة الخامسة للجيش في الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان .

ويؤكد أنهم لا يسعون إلى تطبيق النموذج الليبي أو اليمني أو تقسيم السودان بعد السيطرة على نيالا، وأنهم ذهبوا إلى مفاوضات جدة تقديرا لظروف الشعب السوداني، وتلبية لدعوة الوساطة السعودية الأميركية.

ويضيف طبيق أن منبر جدة يسعى إلى اتفاق على إطلاق وقف النار، وفتح مسارات إنسانية لتقديم المساعدات إلى المتضررين من الحرب، وتسهيل عودة المواطنين الذين خرجوا من بيوتهم.

ويلفت إلى أن الدعم السريع يسعى إلى إصلاح شامل لمؤسسات الدولة العسكرية والمدنية لمعالجة الأخطاء المتراكمة التي ظلت تمارسها النخب السياسية منذ استقلال البلاد، و”لن نسمح بتمزيق السودان وتفكيكه إلى دويلات.”

تاريخ النزاعات

بدأت سيرة النزاعات المسلحة الواسعة بين المجموعتين في عام 1989؛ إثر استيلاء الإسلاميين السودانيين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير على السلطة بانقلاب عسكري، وإعلان المجموعة الأفريقية الممثلة في «حركة جيش تحرير السودان»، و«حركة العدل والمساواة» التمرد على السلطة المركزية في الخرطوم عام 2003، وتحقيقها انتصارات على الجيش السوداني، واضطر البشير لاستغلال العداوات التاريخية بين المجموعتين، فسلّح «المجموعة العربية» من أجل القتال بجانب جيشه ضد المجموعة المتمردة.

وفي عام 2003، شنت المجموعة العربية التي عرفت لاحقاً بـ«الجنجويد»، مدعومة من الحكومة المركزية بمروحيات قتالية وبإسناد من قوات الجيش ، عمليات قتالية وحربية ضد المجموعة الأفريقية ، قتل خلالها الرجال، واغتصبت النساء، وأحرقت القرى وأُضرمت النيران في الحقول، مع تدمير شامل للبنية التحتية «آبار المياه والمدارس والمشافي، وغيرها»، فاضطرت أعداد كبيرة من تلك القبائل للنزوح من ديارهم.

الإقليم الغني

ويقع إقليم دارفور في غربي البلاد، وتحده من الشمال ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وتبلغ مساحته نحو 500 كيلومتر، بما يعادل مساحة البر «الإسباني»، ويسكنه نحو 8 ملايين نسمة، وتسكنه قبائل متعددة أخرى «عربية وأفريقية»، وأهم مدنه «الفاشر، نيالا، الجنينة، زالنجي»، وفي عهد الرئيس السابق عمر البشير امتد إلى خمسة ولايات هي: «شرق دارفور، شمال دارفور، غرب دارفور، جنوب دارفور، ثم وسط دارفور».” “وتكمن الأهمية الاستراتيجية للإقليم في أنه يمثل نقطة تقاطع بين الحزام الأفريقي «الفرنكفوني» المكون من دول: تشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى والكاميرون، وحزام «الكومنولث» الذي يقع ضمنه السودان، وإن لم ينضم لدول المجموعة، وباستيلاء قوات «الدعم السريع» التي تقاتل الجيش السوداني على دارفور، تكون قد وفّرت لنفسها مساحة إمداد لوجيستي ودعم بشري واسعة، عبر الحدود المشتركة مع هذه الدول، إضافة إلى قتالها وسط «حاضنتها الاجتماعية.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد