شرق السودان – الحرب تنعش تجارة الأسلحة في شرق السودان

إعداد/ Mohamed osman

الحرب تنعش تجارة الأسلحة في شرق السودان

يشهد شرق السودان حركة نشطة في الاتجار بالسلاح، خصوصا في المنطقة الحدودية مع إريتريا وإثيوبيا، في ظل حرب متواصلة في البلاد منذ 4 أشهر، إلى حدّ لم يعد بإمكان التجّار تلبية الطلب، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس في اغسطس الماضي في تقرير لها عن حركة تجارة السلاح في السودان ما بعد الحرب

وبدأت المعارك في 15 أبريل بين القوات المسلحه السودانيه بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، التي أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 25 الف شخص ونزوح 5,6 ملايين سواء داخل البلاد أو خارجها، وهي حصيلة يقول ناشطون ومنظمات رصد وتوثيق إنها أقل من “العدد الحقيقي” للضحايا.

في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة وعانى لعقود من نزاعات مسلحة وحروب أهلية، كان السلاح منتشرا بشكل يكاد يكون شامل في 90%من البيوت السودانيه حيث بلغ عدد السلاح لدي المدنين مايفوق 5 مليون قطعه سلاح حسب تقارير امميه هذه الاحصائيه دون السلاح الموجود لدي الحركات المسلحه في دارفور وجبال النوبه وشرق السودان ويسجّل في ظل العنف الجاري، مزيد من الطلب على السلاح، وارتفاع هائل في الأسعار.

حيث توصلت الدراسات التي أجراها مشروع مسح الأسلحة الصغيرة إلى مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة الصينية، كالبنادق الهجومية، والرشاشات الثقيلة ومتعددة الأغراض، وقاذفات القنابل الصاروخية، وقاذفات القنابل الآلية، والصواريخ المضادة للدبابات، وأنواع مختلفة من الصواريخ، وذخيرة للأسلحة الصغيرة والمتفجرات.

وتعمل هيئة التصنيع الحربي السودانية، التي يسيطر عليها الجيش السوداني، على تصنيع الأسلحة، ومنها نسخ من الأسلحة الصينية. وتمد الجيش بما يلزمه من السلاح، إلا أن مقاتلي الدعم السريع الباحثين عن السلاح اقتحموا مصانعها. مما سهل من عمليه نقل عدد كبير من سلاح التصنيع الحربي الي دارفور ومكن عدد كبير من المواطنين من أقتناء السلاح
وحسب مقابلة اجريت مع احد تجار السلاح بسوق منواشي في نيالا في ديسمبر الجاري أن عمليه الاقبال علي الشراء تزايدت مع تدفق أنواع جديده من الاسلحه روسيه وامريكيه خصوصا الاسلحه القادمه من جمهوريه افريقيا الوسطي.

وفي السودان هنالك نظام تهريب محكم، ولكن قال مهربون لوكالة الأنباء الفرنسية إن السودان بات منذ نشوب الصراع بين البرهان وحميدتي قِبلة لتجار السلاح الجدد الذين يتطلعون إلى جني الأموال من تجارة السلاح.
وفي سوق تجاري صغير قرب المثلث الحدودي بين البلدان الثلاث في شرق السودان، قال مهرّب الأسلحة ود الضو، الذي اختار اسما مستعارا: “زاد الطلب على السلاح حتى صرنا لا نستطيع تلبيته”.

وتابع المهرب البالغ من العمر 63 عاما ضاحكا: “ماذا تريد؟ كلاش (البندقية الآلية أو الكلاشينكوف) أم قناصا أم مسدسا؟”، في إشارة إلى أنواع الأسلحة المتاحة لديه،

وتؤكد السلطات الموالية للجيش، استمرار ضبط شحنات من الأسلحة تصفها بـ”المتطورة”.

وفي العاشر من أغسطس الماضي ، تبادلت قوة من الجيش السوداني في ولاية كسلا شرقي السودان، إطلاق النار مع مهربين كانوا يستقلّون شاحنتين محمّلتين بالأسلحة، وفق ما نقلت وكالة أنباء السودان (سونا)، التي أضافت أن الشحنتين “كانتا في طريقهما إلى الخرطوم لصالح قوات الدعم السريع”.

“الإقبال الآن أكبر”
وكشف مسؤول أمني لوكالة فرانس برس، طلب عدم ذكر اسمه، أن “السلطات صادرت أيضا خلال أشهر الحرب الماضية شحنتين من السلاح، واحدة جنوب ميناء سواكن على البحر الأحمر، وأخرى قرب كسلا”، لافتا إلى “عدد من عمليات (المصادرة) الصغيرة الأخرى”.

وفي هذا الصدد، قال الضو: “السبب وراء ضبط هذه الشحنات، يعود إلى أنه في السابق، كانت الشحنات تصلنا كل 3 أشهر.. الآن تصلنا شحنة كل 15 يوما تقريبا”.

يذكر أنه حتى قبل اندلاع الحرب، كانت كمية الأسلحة المتواجدة في البلاد تثير قلق الحكومة.

وفي نهاية العام الماضي، أعدّت لجنة جمع السلاح، وهي جهة حكومية تشكّلت عام 2017، تقريرا قال إن هناك “5 ملايين قطعة سلاح في أيدي المواطنين، غير الأسلحة لدى الحركات المسلحه في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق”.

من جانبه، أكد صالح (اسم مستعار) البالغ من العمر 35 عاما، والذي يعمل في تهريب الأسلحة، أن “الإقبال على تجارة السلاح اليوم أكبر”، لافتا إلى أن هنالك ظهور “لوجوه جديدة في المجال”.

“أسلحة أميركية وروسية وإسرائيلية”
وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في السودان مؤخرا، صورة للمئات من رجال قبيلة في شرق السودان، يحملون أسلحة رشاشة وبنادق آلية، ويعلنون ولاءهم للجيش في الحرب الجارية”.

وقال صالح لفرانس برس، إن “اهتمامات الزبائن في الوقت الحالي اختلفت عن السابق”، مضيفا: “كان الطلب على المسدسات سابقا، أما الآن يرغب الناس في بنادق القنص والرشاشات”.

وأشار كذلك إلى أن أنواع بنادق القنص المتاحة “إما أميركية أو إسرائيلية، وهناك القليل إيراني”.

وعن أسعار الأسلحة، أوضح صالح أن “الرشاش الآلي الروسي (كلاشنكوف) بلغ سعره مليون ومائه الف جنية سوداني اي ما يعادل ألفي دولار تقريبا، وقتها مقارنة بحوالي ألف دولار قبل الحرب”.

وبلغ سعر بندقية القنص الأميركية ما يعادل 8300 دولار، فيما بلغ ثمن مثيلتها الإسرائيلية حوالي 10 آلاف دولار، وهي من بين “الأعلى طلبا”، بحسب صالح الذي يشير الى أن بضاعته “تأتي من البحر الأحمر”، من دون المزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول أمني للوكالة: “يستخدم مهرّبو السلاح والمخدرات مرافئ في مناطق نائية من جنوب البحر الأحمر، جغرافيتها وعرة. ومن أشهر المناطق: منطقة خليج سالم جنوب مدينة طوكر، وقرب حدود السودان مع إريتريا”.

وتابع أن “حركة تجارة الأسلحة في هذه المنطقة لا تقتصر على السودان فقط، بل ينشط فيها مهرّبون من اليمن، وبعض المهربين من الصومال.. وهم جزء من مجموعات مرتبطة بشبكات عالمية لتهريب الأسلحة”.

سهل البطانة
واستطرد المسؤول الأمني، أن “مثلث الحدود بين الدول الثلاث، يعتبر تاريخيا مركزا لتجارة السلاح غير الشرعية، بسبب نشاط المجموعات المسلحة الإثيوبية الإريترية ضد حكوماتها”.

وأشار بالتحديد إلى منطقة “البطانة”، وهي منطقة سهلية منبسطة تمتد من شرق السودان حتى العاصمة، وتمر بها ولايات كسلا والقضارف والجزيرة ونهر النيل، و”تمثل ممرا لتهريب السلاح”.

وتابع: “البطانة منطقة قليلة السكان والتواجد الأمني فيها ضعيف، كما أن طرقها غير ممهدة وتحتاج إلى خبير لمعرفتها”.

وفي هذا الصدد، قال الضو: “يشتري ناس البطانة السلاح لأنهم يعملون بالرعي والزراعة، وبعد حرب الخرطوم، أصبح كل واحد منهم يريده (السلاح) لحماية نفسه”.

وفيما يتهم الجيش قوات الدعم السريع بأنه المشتري الأول لشحنات الأسلحة المضبوطة، نفت قوات الدعم السريع ذلك.

وقال ضابط في القوات المسلحه السودانيه:- “نحن قوة نظامية لديها قانَون، ومصدر تسليحها معروف ولا نتعامل مع المهربين، بل نعمل على ضبطهم”.

أما صالح، فقال ردا على سؤال عن الجهات الشارية: “نحن نسلّم البضائع لأشخاص في البطانة، ولا نسأل عن وجهتها” حسبما جاء في قوله لفرانس برس
الصورة توضع أكثر المناطق التي تنتشر فيها تجارة السلاح في شرق السودان كل المناطق الملونه باللون الأسود علي الخريطة.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد