أجهزة “ستارلينك” جزءآ متزايد الأهمية من البنية التحتية في حرب السودان

متابعات دارفور : السودان

منذ أوائل فبراير، فرض انقطاع شبكات الهاتف الخلوي واقعا جديدا في السودان، نتيجة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

و أصبحت أجهزة توجيه ستارلينك المتنقلة جزءا متزايد الأهمية من البنية التحتية في زمن الحرب في السودان ، حيث توفر خدمات الاتصالات في مناطق القتال حيث لا يوجد إنترنت. 

تقارير من منظمات دولية حذرت من أثر توقف خدمات الاتصالات والإنترنت على المساعدات الإنسانية وخدمات الطوارئ لملايين المدنيين العالقين في حرب عسكرية طاحنة.

وحذرت منظمة العفو الدولية ” إمنستي” مما وصفته بـ”مخاطر جسيمة”، ناهيك عن حجب قدرة الملايين من التواصل مع عائلاتهم، أو البحث عن مناطق آمنة، ناهيك عن اعتمادهم على الخدمات المالية عبر الأجهزة المحمولة.

وفرض انقطاع شبكات الهاتف المحمول عقبات أمام إمكانية شراء السلع الأولية، ومنها الإمدادات الغذائية الشحيحة ، و أن السودانيين يلجأون إلى استخدام خدمة ستارلينك التي تعتمد على الأقمار الصناعية.

واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في منتصف أبريل عام 2023، بسبب توترات تتعلق بانتقال السلطة، وأدت إلى أزمة إنسانية كبيرة وانتشار الجوع.

ونزح ما يقرب من 6.5 مليون شخص داخل السودان وفر أكثر من 1.9 مليون إلى الدول المجاورة، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

ستارلينك في دارفور

ستارلينك علي سيارة في دارفور

خرجت مدن دارفور من خدمات شبكات الاتصالات الثلاث (إم تي إن – زين – سوداني) منذ بداية حرب 15 نيسان/أبريل (إنترنت – اتصال)، بحيث تعود الشبكة إلى هذه المدينة أو تلك ولكن سرعان ما تعاود الانقطاع مرة أخرى.

و انقطعت الاتصالات من مناطق الضعين ونيالا وزالنجي والجنينة لفترة قاربت الشهر، وتعمل في مدينة الفاشر، وهي المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع وتنعم بخدمات الاتصالات بين الحين و الاخر.

ودخلت ولايات دارفور شبكة الإنترنت بعد انقطاع الشبكات المحلية عبر جهاز اتصال عبر الأقمار الاصطناعية ستارلنك والتي تدخل السودان عن طريق تشاد .

و قال ابراهيم الجزلي من مدينة الجنينة إن شبكة ستارلنك لها تأثير إيجابي في مجالات عديدة ، خصوصًا الاقتصادية والأمنية.

وأضاف “ساعدتنا على التواصل مع الآخرين وهي متوفرة في أوقات محددة لأن مستخدمي ستارلنك يفضلون النهار للظروف الأمنية”.

من المسؤول عن قطع الاتصالات؟
انقطاع الاتصالات يعطل خدمة التحويلات المالية
انقطاع الاتصالات يعطل خدمة التحويلات المالية

ويلقي كل من طرفي الصراع في السودان اللوم على الآخر في قطع الإنترنت والاتصالات، في الوقت الذي تأثرت فيه خدمات المشغلين مثل “إم تي إن” و”زين السودان” ومجموعة “سوداتل”، بحسب بلومبيرغ.

وقالت مصادر بقطاع الاتصالات إن قوات الدعم السريع أغلقت الشبكات بعد أن هددت بقطع الخدمة ما لم يعيد الجيش الاتصالات المُعطَّلة في منطقة دارفور غرب البلاد.

وأعادت شركة “سوداني” المملوكة للدولة التغطية في أجزاء من السودان، لكن مساحات واسعة من البلاد، منها العاصمة، الخرطوم، ومعظم أنحاء دارفور، لا تزال دون شبكات اتصال.

وتمكن مقدم ثان لخدمات الهاتف المحمول، شركة زين، من إعادة قدرات محدودة للغاية من الشبكات الأسبوع الماضي.

وكانت منظمة “نت بلوكس” قد تحدثت، في الرابع من فبراير، عن انقطاع الخدمة لدى العديد من موفري خدمة الإنترنت في السودان، حيث تضاءلت بالفعل مستويات الاتصال بشكل كبير بسبب النزاع المستمر. 

وفي السابع من الشهر ذاته، أبلغت المنظمة عن انقطاع جديد لشبكة الإنترنت في السودان مع انقطاع اتصال شركة زين، وفقا لأمنستي.

كيف أثر انقطاع الاتصالات على السودان؟
مخاطر جسيمة يفرضها انقطاع خدمات الاتصالات
مخاطر جسيمة يفرضها انقطاع خدمات الاتصالات

ورصدت منظمة العفو الدولية جوانب التأثر بسبب انقطاع خدمات الاتصالات في السودان والتي طالت الجميع على عدة مستويات.

وقالت نائبة مدير المكتب الإقليمي لشرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو الدولية، سارة جاكسون: “إن الانقطاع المستمر للاتصالات أمر غير مقبول، فهو يعرض حياة الملايين للخطر”.

وأضافت أن هذا الانقطاع يؤثر على “الفئات الضعيفة أصلا من السكان الذين اضطروا إلى تحمل النزاع منذ عام تقريبا حتى الآن. ومن دون الاتصالات، من المرجح أن تتوقف العمليات الإنسانية وخدمات الطوارئ تماما، مما يعرض حياة الملايين للخطر، يجب على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الامتناع عن حجب الإنترنت، لأنه يشكل شريان حياة بالنسبة للمدنيين”.

وتخوفت جاكسون من أن “مراقبي حقوق الإنسان والمدافعين عنها الذين يراقبون الوضع في السودان غير قادرين على القيام بتوثيق مجدٍ لانتهاكات الحقوق بسبب حجب الإنترنت”.

ما الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتخفيف من حدة الوضع الإنساني المتأزم نتيجة قطع الاتصالات؟

كما تأثر أيضا عمل “مقدمي المساعدات الإنسانية في الخطوط الأمامية بصورة شديدة. وإحدى هذه المجموعات من مقدمي الخدمات هي غرف الاستجابة للطوارئ التي أُنشئت تلقائيا للمساعدة في تنسيق الدعم للسودانيين المتأثرين بالحرب، وتقديم الخدمات المنقذة للحياة للمجتمعات” وفقا لبيان أمنستي.

وأدى حجب الإنترنت لتوقف إرسال أو تحويل الأموال إلى السودان وداخله عبر تطبيقات الخدمات المصرفية على الهاتف المحمول، وهي إحدى الوسائل القليلة المتبقية لتحويل الأموال في الدولة.

وهو ما أكده تقرير لرويترز إذ تسببت الحرب في أضرار جسيمة للنظام المصرفي، إذ يعتمد كثيرون على استخدام تطبيق “بنكك” التابع لبنك الخرطوم في تحويل الأموال وسداد المدفوعات.

اللجوء إلى “ستارلينك” ولكن.. 

ستارلينك توفر خدمات الإنترنت الفضائي

وفي منتصف فبراير الماضي، أكد تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ أن قوات الدعم السريع تستخدم خدمة ستارلينك للإنترنت الفضائي، التي تقدمها الشركة المملوكة لرجل الأعمال، إيلون ماسك.

وزاد التقرير أن الأجهزة دخلت للسودان عبر تشاد وجنوب السودان، حيث تستخدمها قوات الدعم السريع في الوقت الدي تعطلت فيه خدمات الاتصالات على مستوى البلاد.

وكان تقرير سابق لصحيفة “تلغراف ” قد ألمح إلى أن قرصنة معلوماتية تعرضت لها منصة إكس المملوكة لماسك، زادت من الضغط على ستارلينك لتوسيع خدمات الإنترنت الفضائي في السودان.

وكشف دبلوماسيون ومصادر أن “قوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني، تمكنت من الوصول لتقنيات ستارلينك منذ أغسطس الماضي حيث يتم استيرادها عبر ممرات تسيطر عليها هذه القوات عبر تشاد وجنوب السودان المجاورتين”.

ولم ترد شركة ستارلينك على استفسارات بلومبيرغ، في الوقت الذي أصبحت فيه أجهزتهم متوافرة بشكل متزايد في البنية التحتية في السودان في زمن الحرب.

واستخدمت خدمات ستارلينك الفضائية على نطاق واسع في أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي.

وحاول سكان المناطق التي لا توجد بها اتصالات للهواتف المحمولة استخدام خدمة ستارلينك، وهي خدمة عبر الأقمار الصناعية غير مرخص لها عادة بالعمل في السودان ومكلفة للسودانيين العاديين، إذ يبلغ سعرها نحو 2.5 دولار للساعة الواحدة.

وفي منطقة كرري بأم درمان، حيث أحرز الجيش السوداني تقدما مؤخرا ضد قوات الدعم السريع شبه العسكرية توفر للسكان الاتصال عبر الأقمار الصناعية، حيث احتشد البعض حول نقطة اتصال ستارلينك ومعهم هواتفهم المحمولة للتواصل مع أقاربهم وأحبائهم، وفقا لرويترز.

وقالت أمل عبده، المقيمة في كرري بأم درمان التابعة للعاصمة السودانية : “الناس محتاجة للشبكة، محتاجة لها جدا”.

وأضافت “كل يوم نجلس ونسمع أن الليلة ستعود الشبكة، غدا تعود الشبكة… ولا تعود الناس هنا تسمع خبر وفاة أسرها بعد أسبوع وأسبوعين من الوفاة”.

وواصلت حديثها قائلة: “الناس لا نقود لديها، لا توجد سيولة في كل البلد، الجميع يبحث عن الأموال عن طريق تطبيق بنكك. في الوقت الذي لا نستطيع فيه استخدامه”، في إشارة إلى عدم القدرة على التسجيل بالتطبيق دون اتصال بالإنترنت.

وقال محمد، وهو من سكان كرري أيضا : “آخر شيء شبكوا لنا جهاز ستارلينك لكن أيضا عدد الناس كبير والضغط عليه كتير وليس الكل يستطيع الولوج للتطبيق”.

وقبل الحرب التي اندلعت في أبريل عام 2023، بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة الفريق محمد حمدان دقلو كان السودانيون يعانون من تحديات ومشاكل جمة، والآن بعد الحرب وفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن 18 مليونا من أصل 48 مليون سوداني يعانون من انعدام أمن غذائي حاد، من بينهم خمسة ملايين باتوا على شفا المجاعة.

تبحث عن الحقيقة؟

إشترك في مجلتنا الإخبارية ليصلك كل جديد